المنشور

الموت قهراً

نعم لقد وصل الأمر إلى أن نموت قهراً وألماً وحزناً، نعم لقد وصل القهر
بنا مداه فما عاد القلب يحتمل كل هذه الظلامات وما عاد باستطاعة العقل أن
يحتمل كل هذه الأكاذيب؛ ففي حين يبرر قتل أطفال بعمر الزهور، لمجرد حرق
إطار في الشارع، تجمع الملايين من الدولارات على مرأى ومسمع الدولة لتمويل
«برابرة» تجمعوا من كل بقاع الأرض واتخذوا من قتل كل مخالف لمذهبهم مفتاحاً
لدخول الجنة ومن تفخيخ المهبولين بالحور العين مبرراً لتفجير المئات من
المصلين في المساجد، ومن جهاد النكاح مبرراً لممارسة الدعارة بشكل ثوري.

هناك
ترتكب المجازر الجماعية وتفجر قبور المسلمين ولن نقول أضرحة آل البيت أو
الأولياء الصالحين، بهدف قتل أكبر عدد من زوار هذه القبور من الأبرياء، ولا
يعد ذلك إرهاباً أو قتلاً على الهوية، وإنما يعد عملاً ثوريّاً من أجل
التخلص من الأنظمة الفاسدة.

ومع الفرق، فإن هناك ثواراً أجانب، ولدينا إرهابيون مواطنون وحماة وطن أجانب.

نعم،
لقد وصل الأمر إلى مداه وما عاد باستطاعتنا أن نتحمل عهد المماليك في
القرن الواحد والعشرين عندما يطلق المملوك الأجنبي جميع ذخائره من طلقات
الشوزن والغازات المسيلة للدموع على القرى والأحياء السكنية، لا لشيء لكن
لمجرد أنه يشعر أن هناك من يجب أن يعاقب على إغلاق شارع أو حرق إطار.

ألا
يفجع من دفن أجداده في تربة هذه الأرض وتشرب دمه من ملوحة بحرها على مدى
الدهر من السياسات التي تريد استبداله بشعب آخر كل مؤهلاته أنه من مذهب
معين.

أليس من حقه أن يتساءل كيف يصبح الاحتجاج والمطالبة بحقوق هي
من أبسط الحقوق السياسية لأي مجتمع متحضر في خانة خيانة الوطن والعمالة
ويعاقب عليها بالسجن المؤبد.

عندما نحتاج إلى حوار وطني نثبت من
خلاله أن من حق الناس أن يختاروا حكومتهم، وأن يحاسبوها، وأن يكون
المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات، وأن يكون هناك قضاء نزيه وعادل،
وأن تكون هناك دوائر انتخابية عادلة، ويظهر لنا أن غالبية المشاركين فيه
يقفون ضد أي حل سياسي… فهل هناك من يلوم مواطناً بحرينيّاً إن مات قهراً؟