المنشور

تحديات الحوار والعراقيل المصطنعة

على رغم التحديات الكبيرة التي تواجه حوار التوافق الوطني، ما يجعل من
احتمالية نجاحه معجزة كبرى، فإن البعض أبى إلا أن يضع المزيد من العراقيل
بهدف إفشاله حتى قبل أن يبدأ.

بداية هذه التحديات، بخلاف الأمور
الإجرائية كعدم وضع برنامج لعمل الحوار وعدم تهيئة الأجواء قبل البدء فيه،
دخول المعارضة بشكل غير متكافئ عددياً مع الجانب الآخر، فإن ما يُراد
ترويجه من أن هناك عدالة في تمثيل جميع مكونات المجتمع البحريني من خلال
تخصيص ثمانية مقاعد للمعارضة وجمعيات الائتلاف ومثلها للسلطة التشريعية، ما
هو إلا تحايل مكشوف لزيادة عدد الجانب المؤيد للسياسات الحكومية الراهنة،
فأساساً تخصيص أربعة مقاعد لمجلس الشورى المعيّن من الحكومة يعني تعيين
موظفين حكوميين لن يخالفوا توجهات السلطة في أي حال من الأحوال.

ما
رشح من بعض المشاركين في الحوار هو أن مواقف بعض من يُسمّون بـ
«المستقلين»، كانت هي الأسوأ على الإطلاق، وأن العديد من هؤلاء «المستقلين»
هم من يتعمدون وضع العراقيل!

التحدي الثاني هو وضع شروط وخطوط حمراء
من قبل جمعيات «الائتلاف»، من بينها عدم الموافقة على الحكومة المنتخبة،
ورفض الاستفتاء الشعبي على مخرجات الحوار، وعدم المساس بمجلس الشورى، ما
يعني أن أغلب المطالب الشعبية مرفوضة منذ البداية ولا سبيل للتحاور بشأنها.

التحدي
الثالث هو عدم وجود مشروع حكومي للخروج من الأزمة، كما أن «جمعيات الفاتح»
لا تمتلك مشروعاً هي الأخرى، ومن نافلة القول انه لا يمكن توقع أن يكون
للمستقلين مشروع، ما يعني أن ما سيتم التفاوض بشأنه هو مرئيات الجمعيات
السياسية المعارضة، ما يجعل المجال واسعاً للهجوم عليها وإفراغها من
محتواها إن لم يكن تصفيتها تماماً.

التحدي الأهم هو أنه على الرغم من
أن المطالب الشعبية التي ينادي بها الشارع البحريني هي الأقل من بين جميع
حراكات الربيع العربي، إلا أن البعض يرى أن سقفها مرتفعٌ جداً، وأن الشارع
البحريني لن يرضى بأية مخرجات إن لم تكن منسجمة مع تطلعاته وآماله.

الجمعيات
السياسية المعارضة ترى أن من واجبها إنجاح الحوار مهما كان الثمن، وتؤمن
بأن نجاح الحوار يعني خروج البحرين من أزمة خانقة لا تتحملها، في حين أن
فشله يعني المزيد من الضحايا، ومستقبلا مجهولا لا يمكن لأحد التنبؤ
بنتائجه.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3821 – الجمعة 22 فبراير 2013م