المنشور

تجربة آيلة للسقوط..!


بين الوقت والآخر لا تضر مثل هذه الأخبار والتصريحات كي نتذكر أن تجربة المجالس البلدية ليست على ما يرام، وأن فيها من الشوائب ما عطل مسيرتها إلى الدرجة التي تكاد تفقد هذه التجربة معناها، أو افقدتها وانتهينا..!! هي أخبار وتصريحات كشفت عن إعاقات واتهامات ومناكفات فيما بين أعضاء بعض المجالس ووزارة البلديات تارة، وفيما بين بعضهم البعض تارة أخرى، وكلها خرجت سافرة إلى العلن وإن عبرت عن شيء فإنما تعبر بأن تجربة المجالس البلدية بالصورة التي هي عليها الآن تكاد أو كادت أن تكون مضيعة للوقت والجهد والمال..!
 
هل نتوقف عند إعلان تعليق بلدي الشمالية أعماله احتجاجاً على قرار بإنهاء خدمات موظفين وما يعنيه هذا التعليق، وهذا الاحتجاج في مسار العلاقة المتوترة بين المجلس ووزارة شؤون البلديات، أم نتوقف عند هذا الذي يجري في مجلس بلدي المحرق فهو مثير حينا ومحير حينا آخر فالخلافات والاتهامات المتبادلة بين بعض أعضائه لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد وكأن هناك إمعاناً في عرقلة تجربة هذا المجلس أو تشويه التجربة البلدية برمتها، وهناك شواهد كثيرة وكلها موثقة ومنشورة تستحق التأمل، وباعثة على الأسف والأسى والدهشة وكأننا امام مشاهد مسرحية هزلية بكل معنى الكلمة رديئة الإخراج والتأليف.
 
الذين تابعوا مجريات الأمور في هذا المجلس البلدي لابد انهم يتذكرون تلك الخلافات والمشاكل والاتهامات التي طفت على السطح ولن يكون مستعصياً عليهم تذكر ذلك اللغط المتكرر، مرة حول عدم حضور المدير العام للبلدية لاجتماعات المجلس، ومرة حول آلية اعتماد عضوية اللجان، ومرة حول انسحاب بعض الأعضاء على طريقة تشكيل اللجان، ومرة عن صدامات بين كتلتين على طرفي نقيض في التعاطي مع الشأن البلدي، ومرة حول زوبعة الغياب المتكرر لبعض الأعضاء عن حضور اجتماعات المجلس ومرة حول عودة العضو البلدي المفصول.
 
القائمة طويلة منها ما لا يخلو من مفارقة في المضمون والتفاصيل، كتلك الخلافات والانسحابات على خلفية ما عرف بقضية التنصت وتلك الاتهامات التي أثيرت حول مشروع حديقة المحرق الكبرى، ثم اتهام عضو بلدي لآخر بتزوير محاضر الاجتماعات، ولا نعلم إن كان آخرها سلسلة الاتهامات المتبادلة بين بعض الأعضاء أحدهم يتهم الآخر بتعطيل عمل المجلس وعرقلته وثان يتهم آخر بسرقة أفكاره وثالث يتهم آخرين بـ” فركشة ” أو تعطيل مشاريع استثمارية و”هلمجرا”.
 
يمكن أن نسترسل وأن نستحضر القديم والحديث على السواء وبالتواريخ اذا أردنا في عرض كل ما اعترى تجربة هذا المجلس البلدي من شوائب، فذلك موثق ومنشور، والباعث على الأسى والأسف الشديد أن أحداً لم ينتبه إلى أن هذه الشوائب في مجموعها تمثل استهانة بقيمة المسؤولية بل هتكاً مروعاً لأبسط قواعدها، ولازلنا نذكر ذلك التصريح اللافت الذي لم يتردد فيه أحد أعضاء المجلس باتهام رئيس المجلس وأعضاء لجنة الخدمات والمرافق بأنهم اتخذوا قرارات تهدد بعض المواطنين بخراب بيوتهم..!!، وهذا في حد ذاته اتهام ما كان ينبغي أن يمر مرور الكرام..!

ما هو المطلوب؟..

– المطلوب أن لا يغفل كل المعنيين جانباً مهماً وهو أنهم جميعاً يتحملون الانزلاق بتجربة العمل البلدي وجعله مكشوفاً على احتمالات لا تسر وهو أمر يصل الى حد اليقين المطلق إذا لم ينصلح حال هذا المجلس البلدي بوجه خاص، والمجالس البلدية بوجه أعم..!
– المطلوب أن يضع المعنيون بأمر التجربة البلدية أيديهم على مواضع الخلل ويبدؤون محاولة العلاج بعقل علمي رشيد، والا سيبقى كل حديث طيب عن التجربة البلدية والتقدم والمصلحة العامة مجرد كلام لن يغير من واقع الحال شيئاً.

بقيت نقطة أخيرة.. أن تتوقف محاولات تهميش وتقزيم هذه التجربة وألا تكون العلاقة تصادمية بين المجالس البلدية ووزارة البلدية، وأن تنتفي علاقة سحب البساط من جانب النواب وهي العلاقة التي لم تكن تكاملية في يوم من الايام، المطلوب أولاً وأخيراً تقييّم التجربة تقييماً دقيقاً حتى لا تظل تجربة ناقصة غير مكتملة الملامح تمضي الى المجهول، خاصة وأن قراءة مبسطة للتجربة البلدية برمتها قد تذهب بنا الى أن هذه التجربة ايلة للسقوط مادام هناك اعضاء يصرون بان لا يقف التدهور عند حدود.
 يبقى أمر يتعلق بالمسؤولية، مسؤولية الخلل والخطأ الحاصلين.. هل هي مسؤولية أشخاص، أو مسؤولية قانون انشاء المجالس البلدية، ام نظم معيقة في العمل والإدارة البلدية، أم في علاقة هذه المجالس بوزارة البلديات؟. قد يكون من الصعب أن نفصل تلك العناصر عن بعضها البعض، ولكن لا ينبغي أن ننسى دور ومسؤولية المواطن الناخب، فهو الذي يمكن أن يعوّل عليه في إعادة الاعتبار للتجربة البلدية، حيث يتوجب أن يحسن الاختيار للأعضاء وأن يتابع أداءهم ويحاسبهم، لعل ذلك كفيل بأن يلبس التجربة البلدية ثوباً جديداً.
 
18 يناير 2013