المنشور

ها قد بدأ الحوار وبأقل تمثيل

ها قد بدأ الحوار المرتقب، المنتظر منه أن يخرج البحرين من مأزق قارب السنتين وتمتد جذوره حتى العشرينيات من القرن الماضي.

ها قد بدأ الحوار الذي ينتظره الشعب البحريني بجميع مكوناته لإعادة الحق واللحمة الوطنية لسابق عهدها.

الحوار الذي ينتظره آباء وأبناء وأهالي الشهداء الذين قدّموا حياتهم من أجل وطن أكثر حريةً وعدالةً.

الحوار الذي من المفترض أن يفضي إلى عدالة انتقالية ومحاسبة المتسببين في قتل وجرح وتعذيب وتشويه العديد من أبناء هذا الشعب.

ها قد بدأ الحوار دون شروطٍ مسبقة، باستثناء عدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين وعدم التوافق في أي حالة من الأحوال على الإقرار بمملكة دستورية يكون الشعب فيها مصدراً للسلطات، وتكون فيها الحكومة تمثل الإرادة الشعبية، وعدم المساس بتركيبة وصلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، واستحالة إعادة رسم الدوائر الانتخابية لتكون أكثر تمثيلاً لمكونات الشعب البحريني.

ها قد بدأ الحوار، والبعض أو لنقل الأكثرية ممن يجلسون على طاولة الحوار يرون في الطرف الآخر أعداءً لهم وليسوا أشقاء في وطن واحد.

ها قد بدأ الحوار ومازال الإعلام الرسمي وشبه الرسمي يصف القوى المعارضة بالخونة.

ها قد بدأ الحوار بعيداً عن تطلعات الناس وثقتهم. ها قد بدأ الحوار بأقل تمثيلٍ كان يتوقع على الإطلاق. ها قد بدأ الحوار بين من لا يملكون القرار.

فما الذي يعنيه غياب الوزراء أصحاب الحقائب السيادية عن المشاركة في حوار مفصلي والاستعاضة عنهم بوزراء الخدمات في حوارٍ من المفترض أن يرسم المستقبل السياسي للدولة في المرحلة المقبلة.

هل يملك وزير التربية والتعليم أو وزير الأشغال القرار في الموافقة على مطالب سياسية وحقوقية؟ وما الذي يعنيه اختيار شخصياتٍ ليس لها ثقلٌ سياسيٌ في هذه الفترة على الأقل لتمثيل السلطة التشريعية؟ ولماذا دفعت الجمعيات السياسية الموالية والمعارضة بالصف الثاني من قياداتها باستثناء عددٍ محدودٍ من الجمعيات؟ لماذا لم يشارك الشيخ عبداللطيف المحمود أو الشيخ علي سلمان أو عبد الجليل خليل أو خليل المرزوق في هذا الحوار؟ ولماذا اكتفت الوفاق بممثل واحد عنها فقط؟ لماذا لم تدعى الشخصيات الوطنية المستقلة والتي تمثل ثقلاً سياسياً وفكراً يمكن أن يضيف للحوار بعداً آخر؟ هل هو حكم بفشل الحوار قبل أن يبدأ؟ أم هي لعبةٌ سياسية؟ وأليس من حق الناس أن تعرف؟ ما أراه أن مثل هكذا حوار لن يقدّم للبحرين طريقاً للمستقبل المرتجى، وأنه يجب أن يكون هناك حوار أو تفاوض أو مبادرة أكثر جدية.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3812 – الأربعاء 13 فبراير 2013م