المنشور

إنقاذ مصر من وهدتها


يُنقل عن الدكتور حسن الترابي قوله في أحد المؤتمرات التي عُقدت مؤخراً، إن الإسلاميين وحدهم المؤهلون اليوم لأن يحكموا في العالم العربي، ولعله يعزو ذلك لما لهم من نفوذ في بعض البلدان، ومن بنية تنظيمية محكمة لم تعد متوافرة لسواهم، فضلاً عما يتمتعون به من إمكانات مالية ضخمة، جمعوها خلال عقود ووظفوها في استثمارات كبيرة .

أحد المساجلين ردّ على ذلك بالقول إن إدارة التجارة تحت عباءة الدين أيسر، بما لا يقاس، من إدارة الدولة، وتأمين القبول المجتمعي لهذه الإدارة، في مجتمعات عانت طويلاً من غياب أو تآكل شرعية أنظمة الحكم فيها، ولم تعد تقبل بعد أعاصير ،2011 أن تفرض عليها، بالقسر، أنظمة فاقدة لهذه الشرعية .

ليس الإسلاميون وحدهم من صدق وَهْمَ أنهم الوحيدون القادرون على أن يحكموا في العالم العربي . الغرب أيضاً أو بعض دوائره صدق ذلك وساعد على تمكينهم من بلوغ مبتغاهم، وبنى خططه على قاعدة التهيؤ لقبولهم شريكاً، إن لم نقل حليفاً، خلال الفترة المقبلة، قبل أن تكشف التجربة زيف هذا الوهم، وتشير تقارير صحافية إلى أن مراجعات تجري في بعض الدوائر الغربية لهذا الأمر بعد ما كشفت عنه مسارات العامين الماضيين .

وحيث إن مصر بالذات، بما لها من مكانة ودور وتقاليد سياسية وثقافية عريقة، كانت المختبر الأساس لهذه التجربة، فإنها أعطت البرهان السريع على بطلان ذاك الوهم الكبير، حين أظهر المجتمع المصري ديناميكية عالية في مواجهة مساعي تنميطه وقهره، لدرجة جعلت من أكاديمي ورجل قانون مصري بارز هو الدكتور يحيى الجمل يرى أن النظام الحاكم في مصر حالياً حقق لمصر والمصريين هدفين عزيزين، ما كان أحد يستطيع تحقيقهما خلال شهور قليلة .

أولهما، وهو الأهم فيما نرى، أن الشعب المصري عرف حقيقة هذا النظام والجماعة التي يمثلها بغير تزويق ولا تجميل، ومحل قدر التعاطف الذي كانت تحظى به الجماعة لدى قطاعات معينة من المواطنين، حلت جبال من الرفض وخيبة الأمل، نتيجة ما أظهرته من قصور وتضليل، وما آل إليه الوضع في البلاد من تردٍ على مختلف الصعد، أما الهدف الثاني المتحقق فهو أن هذه الجماعة أشعرت كل القوى المدنية والديمقراطية بمدى الخطر الذي يحيق بمصر، ما دفعها إلى الاقتراب “لإنقاذ البلاد من الوهدة التي تردت فيها” .