المنشور

صدق النوايا وموقف القوى المتحاورة

ما نرجوه بالفعل هو صدق النوايا من قبل جميع الأطراف، الحكومة أولاً،
والجمعيات المؤيدة للوضع القائم، والجمعيات السياسية المعارضة، ثانياً، قبل
البدء في الحوار الوطني المرتقب، فبدون النوايا الصادقة لا يمكن تحقيق أي
تقدم في اتجاه مصالحة وطنية تعيد للبحرين وجهها السابق.

المصلحة الوطنية تحتم في هذا الوقت بالذات تجاوز الخلافات المذهبية
والتخندق الطائفي، والدخول للحوار من أجل هدف واحد هو السير بالوطن نحو
مزيد من الحريات والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، وترسيخ مبدأ
أن «الشعب هو مصدر السلطات»، وليس من أجل دفع الضرر أو الوقوف في وجه مطالب
استحقها الشعب البحريني عبر تضحاياته وآلامه.

ما يحيط الدعوة للحوار من غموض من قبل الجانب الرسمي لا يوحي بأن لدى
الحكومة دافعاً ذاتياً لتقديم تنازلات حتى وإن كانت هذه التنازلات بسيطة
ولا ترتقي لطموح الناس. فحتى الآن وقبل يومين من بدء فعاليات الحوار، لم
يعلن عن الآليات التي سيتم بموجبها إجراؤه، وليس من المعروف من هو الذي
سيدير هذا الحوار وما هو مستوى تمثيل الحكومة فيه؟ وكيف سيتم تطبيق ما يتم
الاتفاق عليه؟ والذي يعنيه معنى التوافق؟ كل ذلك يجعل من تشكك القوى
المعارضة في جدية السلطة مشروعاً، وخصوصاً ما أعلن عنه من أن مخرجات الحوار
ستعرض على السلطة التشريعية (مجلسي الشورى والنواب) لإقرارها قبل رفعها
لعاهل البلاد، ما يعني أن ما ستخرج به الأطراف المتحاورة لن يكون ملزماً
للحكومة، وإنّما يجب أن يمر أولاً عبر السلطة التشريعية التي قد تأخذ به أو
تعدله أو حتى تلغيه، وذلك ما يفرغ أي حوار من محتواه!

ما يخص القوى والجمعيات المؤيدة للوضع القائم، ولن نقول عنها جمعيات
الموالاة لأنها تغضب من ذلك في حين تصف نفسها وأتباعها بشرفاء الوطن (يعني
إحنه شنو؟)! وما تطرحه من شروطٍ لذرّ الرماد في العيون، بعد أن أعلنت عشرات
المرات رفضها الحوار مع «الخونة والجمعيات الراديكالية التي تتبع ولاية
الفقيه»، ما جعلها في حرجٍ شديدٍ قبال أتباعها. نقول لها إن التشدد في رفض
المطالب المشروعة والوقوف حجر عثرة أمام أي مصالحة وطنية، ولعب دور معارضة
المعارضة، لن تؤدي إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي، وإنّما ستزيد من سخط
الناس، وإصرارهم على مطالبهم، ما يعني سقوط المزيد من الضحايا من أبناء
البحرين ستكون دماؤهم في رقابكم جميعاً.

وإما ما يخص القوى المعارضة فإن المطلوب منها المزيد من الشفافية وإطلاع
الرأي العام على كل ما يدور سواءً على طاولة الحوار أو في الغرف المغلقة،
لكي تكون الناس على بيّنة، كما أن على القوى المعارضة أن تشرح لأتباعها
موقفها من كل ملف من الملفات المطروحة، وما يمكن التفاوض فيه، أو التنازل
عنه.


جميل المحاري

صحيفة الوسط البحرينية