المنشور

“تويتر” ميكرفون مجاني


يمكن لمئة وأربعين كلمة أن تحدث من الأثر في الرأي العام مالا تحدثه خطبة مجلجلة مزلزلة . وهذا العدد من الكلمات هو الحد الأقصى الذي تسمح شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر” بأن يكون محتوى التغريدة الواحدة التي يطلقها المشترك من حسابه .

ربما كانت المرة الأولى التي لفت “تويتر” الأنظار فيها إلى قوته التعبوية هي في إيران، حين استخدم مناصرو التيار الإصلاحي هذه الشبكة لنشر الأخبار والتوجيهات، في حملة الاحتجاجات التي تلت الإعلان عن فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة الذي شكك الإصلاحيون في صحته، وجاءت مجريات الأوضاع في البلدان العربية، خاصة في مصر وتونس، لتظهر أكثر ما بات بوسع إعلام شبكات التواصل وبينها “تويتر” أن يفعله، خاصة في البلدان التي تضيق أو تصادر فيها حرية التعبير .

نحن مع القائلين إن “تويتر” و”فيس بوك” وغيرهما لا يمكن أن يصنعا ثورة أو تغييراً لم تنضج ظروفهما الموضوعية ولم يتأمن لنجاحهما ميزان قوى ملائم، لكن من دون التقليل أبداً من قدرة هذه الوسائط على حشد وتعبئة القوى، مع ملاحظة أن التوظيف السياسي لهذه الوسائط، على أهميته، يجب ألاّ يصرف الأنظار عن وظائف التوصيل الثقافي وتبادل الآراء والأفكار والتواصل الإنساني في معناه المباشر الذي يمكن أن تؤديه، فضلاً عن متابعة وتلقي الأخبار على أنواعها، على حساب وسائل الإعلام التقليدية .

في ندوة أقيمت منذ أيام في دولة الكويت الشقيقة لفت نظري تشبيه إحدى المغردات المشاركة في الندوة ل”تويتر” ب”الميكرفون المجاني” للأشخاص الذين لم تسمع آراءهم من قبل، فأصبحت هذه الفئة من الناس توجه آراءها وأفكارها للآلاف، قائلة إن عالم “تويتر” يشبه المقهى الكبير، حيث يستطيع أي شخص الدخول إليه ويسمع داخله أصواتاً كثيرة ومختلفة، ففي المرة الأولى يحس الفرد بأنه يسمع ضجيجاً لكثرة الأفكار والأطروحات ولكن بمرور الوقت يبرمج نفسه تلقائياً ويختار ما يحب من أخبار وموضوعات تهمه بعد أن يتعرف إلى كل الجوانب المطروحة في البرنامج .

هذا عن “تويتر”، أما “فيس بوك” فقد حقق خلال الربع الأخير من عام ،2012 حسب تقرير لنادي دبي للصحافة نشر على حسابه في “تويتر”، أرباحاً وصلت إلى 59 .1 مليار دولار، وكانت أرباح الشركة وصلت قبل عام 13 .1 مليار دولار لنفس الربع، في تعبير عن اتساع دائرة تأثير الشبكة على المستوى العالمي وازدياد مرتاديها .