المنشور

كرم الحكومة

فيما تعاني البحرين من شح الموارد والإمكانيات ما استدعاها طلب مساعدات
مالية من الدول الخليجية، والتي أسعفتها بمشروع «المارشال الخليجي» الذي
يقضي بتخصيص مبلغ عشرة مليارات دولار للبحرين على مدى عشر سنوات بشرط عدم
إنفاقها على المصاريف المتكررة، وإنما يتم توظيفها في إقامة مشاريع البنى
التحتية من إسكان ومستشفيات ومراكز صحية ومدارس ومحطات لتوليد الكهرباء
وشوارع وغيرها من مشاريع لا تستطيع البحرين إنشاءها من خلال مواردها
الذاتية، فإنها تنفق بكرم باذخ في مساعدة الدول الأخرى.

ففي أقل من
يوم واحد أعلنت البحرين عن تقديمها مساعدات بمبلغ 30 مليون دولار، ففي يوم
الثلثاء الماضي أعلن وزير الخارجية خلال مشاركته في المؤتمر الدولي
للمانحين لدعم جمهورية مالي عن مساهمة مملكة البحرين في صندوقي الأمم
المتحدة لدعم قوات الأمن والدفاع بجمهورية مالي والمهمة الدولية، ذات
القيادة الإفريقية، لدعم مالي بمبلغ عشرة ملايين دولار أميركي، وذلك
لمساندة التدخل الدولي والإقليمي في هذه الدولة.

فيما أعلن بعدها
بيوم واحد عن تقديم مملكة البحرين عشرين مليون دولار أميركي ستخصص لمشاريع
تنفذها لمساعدة مالية اللاجئين السوريين، إضافة إلى ما قدمته مملكة البحرين
سابقاً من مساعدات جاءت عبر مشاريع تم تنفيذها بإشراف من المؤسسة الملكية
الخيرية حيث تم بناء أربع مدارس وخمسمئة مسكن في المملكة الأردنية بتكلفة
إجمالية بلغت خمسة ملايين دولار أميركي. وفي حين تتعامل البحرين بهذا الكرم
مع الدول الأخرى فإنها تضن على مواطنيها وتقدم لهم المساعدات على مضض
كبير.

كان بالإمكان أن يخصص جزءٌ كبيرٌ من الموازنة الحالية 2013 –
2014 التي يتم مناقشتها الآن في مجلس النواب لرفع مستوى الدخل للمواطن
البحريني، بعد أن تكفل مشروع المارشال الخليجي بالإنفاق على البنى التحتية
حيث أعلنت دولة الكويت عن استعدادها لتقديم الدفعة الأولى من المارشال
الخليجي بقيمة 250 مليون دولار، ما يعني أن قيمة المشاريع التي كان من
المقرر أن تقوم بها الحكومة خلال السنتين المقبلتين يمكن أن ترحل لدعم
المواطن البحريني. ومع ذلك رفضت الحكومة جميع اقتراحات النواب الخاصة
بزيادة رواتب الموظفين الحكوميين ومعاشات المتقاعدين.

الأغرب من ذلك
أن الحكومة رفضت أيضاً المعايير الجديدة التي وافقت عليها في السابق وزارة
المالية والتي تقضي بصرف 100 دينار شهرياً لرب الأسرة الذي يقل دخله عن 300
دينار شهرياً، و70 ديناراً إذا كان دخل رب الأسرة يتراوح بين 301-700
دينار شهرياً، وصرف 50 ديناراً لرب الأسرة الذي يتراوح دخله بين 701-1000
دينار شهرياً، على رغم أن وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي كشفت عن
تحقيق فائض في علاوة الغلاء في موازنة 2011-2012 بلغ ما يقارب الـ 20 مليون
دينار.

وبعد ذلك… ألا يحق للمواطن البحريني أن يتساءل عن هذا
الكرم الحاتمي الذي تتفضل به الحكومة على الدول الأخرى في حين تتعامل معه
بالقطارة، وخصوصاً أنه يرى كيف تتعامل الدول الخليجية الأخرى مع مواطنيها.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية