المنشور

مسؤوليتنا تجاه العمال الأجانب



في انتظار الاعلان عن نتائج التحقيق في ظروف الحريق الذي نشب أمس
الأول في سكن للعمل الآسيويين في إحدى مناطق العاصمة، المنامة، وأدى الى وفاة
ثلاثة عشر واحداً منهم إختناقاً أو إحتراقاً، حيث يتحدث الخبر الصحافي عن الحادث
المؤلم أن بعض الحثث المنتشلة قد تفحمت، فانه لا مفر من العودة إلى ما قيل مراراً
عن ظروف معيشة وعمل العمال الأجانب في البحرين، بما في ذلك مسألة اكتظاظهم في
السكن ببيوت قديمة لا تتوفر على شروط السلامة الضرورية لمواجهة مثل هذه الحالات
المحتملة في أي وقت من نشوب حريق أو تداعي المبنى نفسه لشدة قدمه، ناهيك عن عدم
توفر شروط الحد الأدنى اللازمة للسكن البشري من نظافة وشروط صحية. 


لا نعلم بعد إذا كان شيئاً من هذا الذي ذكرنا يشمل المبنى الذي
تهاوى على العمال الذين كانوا فيه بفعل الحريق أو لا، لكن الصحافة تحدثت عن أن
مسكن العمال هذا يضم نحو 26 غرفة يقطن فيها خليط من الآسيويين، وقد حاول العشرات
من الساكنين القفز من سطح المنزل هرباً من ألسنة اللهب بعد أن انتشر الحريق ليطول
معظم أرجاء المسكن، وأسفر ذلك عن إصابة العديد منهم، فبالاضافة للمتوفين الثلاثة
عشر الذين أعلن عن وفاتهم، أصيب ثمانية أشخاص آخرون بحروق
وإصابات متفرقة . 


هذا الحادث المؤلم، كما سابقه منذ شهور مضت، وغيره من حوادث مشابهة
جرت في السنوات الماضية تضعنا أمام المسؤولية الانسانية والأخلاقية تجاه ظروف
هؤلاء العمال الين فرضت عليهم ظروف الحياة الصعبة في بلدانهم الهجرة إلى منطقتنا
للعمل، بعيداً عن ديارهم وعائلاتهم، ولولا سواعدهم وجهودهم الجبارة في ظروف العمل
القاسية حيث الحرارة الشديدة في نحو نصف شهور السنة وربما أكثر، لما أمكن تحقيق ما
تحقق في بلداننا من بنية تحتية، كالطرق والجسور والنفاق والأبراج السكنية
والتجارية. 


لقد تحدثتُ في مقال سابق بهذا الصدد عن استخفاف معيب ومهين
بالجوانب الإنسانية في التعامل مع العمال الأجانب، فطالما ارتأينا الاستعانة
بهؤلاء العمال فعلينا على الأقل مراعاة الحدود الدنيا من التعامل الإنساني معهم. والحديث
هنا لا يدور عن توفير ظروف من الرفاهية، وإنما عن شروط إنسانية أولية، من بينها
ظروف السكن الجماعي غير اللائقة، حيث يتكدس هؤلاء في غرف أشبه بزنازن السجن. 


نحن نعلم أن معاملة دول الخليج للعمال الآسيويين هي محط مراقبة
ونقد مستمرين من هيئات دولية معنية بالشأن العمالي، وعلينا أن نحمل هذا الأمر على
محمل الجد، ولكن ما علينا أن نحمله على محمل الجد أكثر هو تحكيم الضمير والمشاعر
الإنسانية في التعامل مع هؤلاء العمال، لكي لا يعمي رنين الذهب أعين أرباب العمل
عندنا عن معاناة العمال التي تصنع قوة عملهم هذا الذهب.