المنشور

2012 الحصاد المر ( القتلى «الشهداء» – 1)

لكي يظلّ الأمل متقداً، لابد من استذكار الماضي، ولكي نتقدم للأمام لابد
أن تكون الطريق التي عبّدناها بتضحياتنا ماثلة لنا في كل لحظة، لنتيقن بأن
ما مضى لم يكن إلا خطوات نحو المستقبل، وأحلام بطريق التحقق وإن طال
الانتظار.

هكذا مر العام الماضي بكل مآسيه وآلامه، التي سأتطرق إليها في مقالاتٍ
قادمةٍ قضيةً بعد أخرى، فلقد شهدت البحرين خلال 2012 الكثير من الأحداث
التي ما كان لها أن تكون لولا العناد البغيض لدى البعض ورغبة البعض الآخر
في جني المزيد من الأسلاب والغنائم وانغلاق الأفق عن أي مخرج يمكن أن يعيد
البسمة والفرحة للآلاف ممن أصبحوا لقمةً سائغةً لأكلة لحوم البشر لمجرد
مطالبتهم بالإصلاح.

خلال العام الماضي فقدت البحرين 11 ضحية موثقة رسمياً، ومئات الجرحى
والمعتقلين، ونالت حظها الوافر من الانتقادات اللاذعة من قبل أغلب الدول
والمنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وفوّتت
العديد من الفرص التي كان من الممكن أن تضع حداً للوضع الحالي وتبشّر
ببدايةٍ جديدةٍ تُعيد لها ما فقدته من ألفةٍ وتسامحٍ ومجتمعٍ ظلّ على مر
السنوات مثالاً للانفتاح والمحبة.

سقط خلال العام الماضي 11 ضحية لم يعلن عن قاتلها لحد الآن وطُويت
ملفاتها في الأدراج المغلقة، على أمل أن ينساها الناس بعد فترة من الزمن،
ولذلك هي بحاجةٍ إلى التذكير بها وبملابسات فقدها لمجرد أن لا يظن البعض أن
ما مضى يمكن أن يطوى في ذاكرة النسيان.

11 ضحية سقطت العام الماضي ولم يُقدّم أحدٌ للمحاكمة، ولم تتوصل الجهات
الأمنية لكشف ما حصل لأغلبها. وفي إطار التسلسل الزمني فإن أولى هذه
الضحايا هو يوسف موالي الذي دُفن في مقبرة المحرق في 20 يناير/كانون الثاني
2012 بعدما وجدت جثته ملقاةً أمام ساحل جزر أمواج بعد أسبوع من وفاته،
وعندها طالبت عائلته بالحصول على الصفة التشريحية للجثة بعد رؤيتهم لآثار
الضرب والكدمات على الجثة بمشرحة السلمانية، في حين أكدت وزارة الداخلية
أنه توفي غرقاً.

بعد خمسة أيام وفي 25 يناير يتوفى محمد إبراهيم يعقوب (19 عاماً) بعد
القبض عليه بفترة بسيطة في سترة، لتصرح بعدها الداخلية «إنه توفي وفاة
طبيعية، وأنه أفاد بأنه يعاني من مضاعفات مرض السكلر». في حين يؤكد عم
المتوفى أن «محمد تعرّض للضرب بعد أن صدمته سيارة لأفراد الأمن وتم اعتقاله
بعد ذلك».

في التاسع من مارس/آذار يشيع جثمان فاضل ميرزا (22 عاماً) بمقبرة الدراز
بعد تعرضه لطلق ناري من قبل قوات الأمن -حسب شهادة والده- أثناء مناوشات
أمنية أدخل على إثرها مستشفى البحرين الدولي في 1 مارس.

وفي 17 مارس يتوفى صبري محفوظ (27 عاماً) من قرية شهركان ويؤكّد ذووه أن
سبب الوفاة استنشاقه كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع. وفي اليوم
نفسه يشيع أهالي المقشع جعفر جاسم، الذي قال ذووه أن سبب وفاته اختناقه
بالغازات المسيلة للدموع أيضاً.

في 30 مارس يسقط الشاب أحمد إسماعيل في منطقة سلماباد نتيجة رصاصة
أصابته في مقتل، حيث أشار تقرير الطبيب الشرعي إلى أن الوفاة كانت بسبب طلق
ناري مفرد، وحتى الآن لم يتم الإعلان عن القبض على مرتكب الجريمة.

وبعد أقل من شهر وبالتحديد في 22 أبريل/ نيسان، يدفن في مقبرة أبوعنبرة
بالبلاد القديم صلاح حبيب بعد أن وجد مقتولاً في إحدى المزارع بمنطقة
الشاخورة نتيجة طلقتين ناريتين من سلاح الشوزن -حسب تقرير الطبيب الشرعي-
وحتى هذه اللحظة لم يتم الكشف عن من أطلق النار.

وفي 16 من أغسطس يلقى حسام الحداد (16 عاماً) مصرعه إثر تعرضه لطلقات من
سلاح الشوزن بوسط مدينة المحرق لتأمر بعد ذلك النيابة العامة بحفظ أوراق
الدعوى في القضية ضد رجل الأمن المتهم بإطلاق النار.

في 28 سبتمبر/ أيلول يتم دفن الفتى الصغير علي نعمة الذي توفي إثر
إصابته بطلق ناري (شوزن) في منطقة صدد، و«الداخلية» تبرّر بأن «مجموعة من
الإرهابيين قامت أثناء مرور القوات بمهاجمتها بالقنابل الحارقة، وعلى إثر
ذلك تعرّض أحد المشاركين في الهجوم للإصابة». في حين إن والد القتيل قال إن
ابنه «كان في حالة فر وأطلق عليه الشوزن وأصابه في الظهر من بعد 3 أمتار».

وفي 1 أكتوبر/ تشرين الأول شُيّع المعتقل محمد مشيمع (24 عاماً) في
مقبرة جدحفص بعد وفاته في السلمانية بمضاعفات مرض السكلر، والنيابة أكدت أن
الوفاة كانت طبيعية، فيما قال محاميه إنه طلب الإفراج عن موكله المحكوم 7
سنوات في قضية المرفأ المالي من قبل محكمة السلامة الوطنية نظراً لوضعه
الصحي المتراجع، إلا أن طلبه رُفض رغم أن التقارير الطبية تفيد بخطورة
وضعه.

وفي 8 نوفمبر/ تشرين الثاني يسقط الفتى علي عباس رضي (16 عاماً) من قرية
سماهيج صريعاً بعد أن يتعرّض لحادث مرور نتيجة ملاحقته من قبل قوات الأمن
وهو متوجّهٌ للصلاة بعدما أغلقت قوات الأمن جميع المنافذ لقرية الدراز حيث
تقام الصلاة.

هذا ما قدمه المطالبون بالإصلاح من قتلى خلال العام الماضي فقط، فأين ما
قدمه الآخرون من أجل الوطن، لكي يكون لهم الحق في الاستحقاقات المقبلة
والتي لاريب فيها؟

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية