المنشور

تبديد الفرص والطاقات والإمكانات

في نهاية العام 2011 تم الترحيب بقبول نتائج وتوصيات لجنة تقصّي الحقائق
التي قادها محمود شريف بسيوني، وكان المؤمل أن تبادر الجهات المعنية
بتنفيذ التوصيات البالغ عددها 26 توصية، وأن يفتح تنفيذ التوصيات (بشكل
مقبول للمراقبين الموضوعيين والجهات الصديقة) الباب أمام مصالحة وطنية
تلملم الجراح وتأخذ بيد الجميع نحو مستقبل أفضل لكل من يعيش على أرض
البحرين.

غير أن تلك الفرصة التي توافرت في نهاية العام 2011 تم
التفريط فيها، وذلك لعدة أسباب، بعضها يتعلق بالخشية من المستقبل وتحبيذ
الإبقاء على الوضع الراهن كجزء من سياسة محافظة، وبعضها يرتبط بانتشار نفوذ
جماعات امتهنت الكراهية ضد الآخر من أجل الاستحواذ على المغانم التي وقعت
تحت يدها.

ولذا فإن العام الماضي (2012) شهد فشل ثلاث محاولات – على
الأقل – لإجراء حوار جاد بين الأطراف القادرة على تحريك الأمور نحو التهدئة
والخروج من الأزمة بحلول عملية قائمة على تنازلات متبادلة بين السلطة
والمعارضة والمكونات الفاعلة في المجتمع. والغريب في الأمر أنه وفي كل مرة
كانت الأمور تقترب من الانفراج سرعان ما تتطور بصورة معاكسة تقلب كل شيء
تقريباً رأساً على عقب.

على أن ما لا يدركه البعض هو أن تأخير تنفيذ
التوصيات التصحيحية (أو تنفيذ خطوات مضادة للتوصيات بشكل معاند)، وتأخير
التوجه نحو الحل السياسي له ثمن، وهو ثمن يتصاعد ويتعقد كلّما طالت الفترة
الزمنية. فعلى الرغم من احتمال وقوع أخطاء في أي حل سياسي، إلا أنه أفضل من
التردد تحت غطاء الخشية على الأمن أو الخشية من تدخل خارجي مفترض.

إن
استمرار الوضع الحالي يكلف بلادنا كثيراً، فهو لا يضيع الوقت فحسب، وإنما
يبدد الفرص والطاقات والإمكانات، ويبدد حتى المساعدات التي تأتي من الأشقاء
في الخليج والتي قد تُصرَف في الاتجاه الخاطئ الذي قد يتسبب في إعادة
إنتاج الأزمة بدلاً من المساعدة في حلها.

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية