المنشور

لن نلزمكم إلا بما ألزمتم به أنفسكم

حسناً، لن نطلب منكم الكثير لتثبتوا أنكم الوطنيون الأكثر غيرة على
الوطن وأبنائه، وأنكم المعارضة الرشيدة التي تضع المصلحة الوطنية والحفاظ
على مقدرات الشعب وثرواته على سلم أولوياتها، وأنكم تؤمنون بأن الحق يقضي
بالتوزيع العادل للثروة، وأن المواطن يجب أن يحظى بجميع الحقوق التي ضمنها
له دستور البلاد من أن يعيش بحرية وكرامة وأن يحظى بمسكن لائق، وعمل يكفيه
وأسرته حاجة السؤال، وأن يحظى هو وأبناؤه برعاية صحية وتعليم مناسب.

لن
نطلب منكم الكثير لتثبتوا أن جميع القوى المعارضة في البحرين، بما فيها
القوى اليسارية والعلمانية، ما هي إلا جمعيات وشخصيات طائفية، خانت وطنها
وأصبحت عميلة لقوى أجنبية، وأن دعوتها للاحتجاج على الوضع الراهن، ما هو
إلا مشروع لضرب الاقتصاد الوطني.

لن نطلب منكم الكثير، وأنتم تمتلكون
الآن جميع الإمكانيات والمؤسسات الرسمية والأهلية والأدوات الدستورية
والقانونية. ولديكم عدداً لا بأس به من الوزراء. وأغلب أعضاء مجلسي الشورى
والنواب أعضاءٌ في جمعياتكم. وجميع وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون
وإذاعة. ولديكم منابركم الدينية. وتملكون نقاباتكم واتحادكم العمالي.
وتتبعكم جمعيات سياسية وأهلية، استوليتم عليها كغنائم حرب.

لن نطلب
من جمعياتكم السياسية أن تطرح مشروعاً للمصالحة الوطنية. لن نطلب من
برلمانكم أن يشكل لجاناً للتحقيق ومحاسبة من تسبب بالانتهاكات التي وثقها
تقرير بسيوني. لن نطلب من كتَّابكم الدعوة للقضاء على الطائفية. لن نطلب من
منابركم الدينية قول كلمة الحق، ولن نطلب من إعلامكم التوقف عن شتم وتسقيط
الناس.

لن نلزمكم إلا بما ألزمتم به أنفسكم، لقد هددتم وتوعدتم
باستجواب أربعة وزراء تكررت مخالفات وزاراتهم وتجاوزاتها للأمانة والمال
العام، حسب ما أورده تقرير الرقابة المالية والإدارية، والذي أشار إلى أن
مجموع مبالغ المخالفات التي رصدها الديوان في تقريره للعام 2011 بلغت أكثر
من 141 مليون دينار، وقلتم بأن أغلب الوزارات قد تكررت مخالفاتها، وإنكم
جادون في استجواب وزرائها، هذه المخالفات وغيرها قُدمت لكم على طبق من ذهب،
وكل ما استطعتم فعله هو رفع أصواتكم بالتنديد والوعيد في حين أهدرتم
الكثير من الفرص، فحتى الآن لم يستجوب مسئول واحد حول المخالفات التي
تضمنها تقرير ديوان الرقابة للعام 2010، حتى أن نوابكم لم يستطيعوا إنهاء
مناقشته حتى الآن.

فإن استطعتم استجواب، ولو وزير واحد فقط من هؤلاء
الوزراء الأربعة، ونقول استجوابه فقط، وليس إدانته أو سحب الثقة منه،
فعندها سنقول إنكم صادقون مع أنفسكم وشارعكم، وأنكم بالفعل معارضة رشيدة
تغلّب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية