المنشور

الأول من ديسمبر


 
اليوم هو يوم الانتخابات الذي كان يسمى في يوم ما «العرس الديموقراطي» ولكنه بالتأكيد لم يعد كذلك، فالفرحة في مثل هذا اليوم يجب أن تعم جميع أفراد الشعب، والشعور بالافتخار بديموقراطيتنا ودستورنا وحرية اختيارنا لممثلينا التي كانت تصاحب مثل هذا اليوم لم يعد كذلك.

فالعرس والفرحة اليوم هي فرحة أصحاب النفوذ الذين لهم مصلحة في عدم وجود دستور وبرلمان معارض يراقب سرقاتهم وفسادهم، هي فرحة من كان يعتبر أن الدستور خطأ تاريخي ما كان يجب أن يكون، هي فرحة من استمر في محاولات الانقلاب على الدستور لمدة خمسين عاماً.

نعم ستجرى انتخابات اليوم وستكون انتخابات باهتة بسبب المقاطعة الواسعة من الشعب الغيور على وطنه ومكتسباته الديموقراطية، ومقاطعة جميع القوى السياسية والتجمعات الشبابية والنواب المعارضين والمؤثرين، فمجلس اليوم ساقط سياسياً، مرفوض شعبياً كما رفض المجلس الوطني سيئ الصيت عام 1990م، ولن يستمر بل ستزج نتائجه بأعداد أكثر وأكثر إلى الشارع المعارض، وسيرتفع سقف الاحتجاج والحركة المطلبية من أجل الاصلاح السياسي باتجاه التطور الديموقراطي والاجتماعي.

لقد استطاع نهج التفرد بالقرار أن يجمع القوى السياسية على اختلاف توجهاتها وأن يذيب الخلافات الثانوية بينها من أجل القضية الوطنية الرئيسية، ليس من أجل الدفاع عن دستور الحد الأدنى فقط ولكن من أجل الاصلاح السياسي والقضاء على الفساد والحفاظ على ثروة البلاد من الهدر وتحقيق الديموقراطية الكاملة والعدالة الاجتماعية، إذ لن تتوقف المطالبة الشعبية عند الديموقراطية السياسية بل سترتفع إلى مستوى أعلى من المطالب الديموقراطية الاجتماعية أيضاً وستتسع الهوة بين الشعب والسلطة وسنشهد حركة شعبية غير مسبوقة في تاريخ الكويت السياسي وهنا أنا لا أقصد المسيرات فقط.

ما سنشهده اليوم هو «طنطنة» الإعلام الرسمي لهذه الانتخابات الباهتة، وسيعمل على تضخيم المشاركة التي أتوقع أنها ستكون هزيلة وفاشلة سياسياً، فرغم كل الإعلانات المدفوعة لحث الناس على المشاركة من قبل وزارة الإعلام، واستخدام وسائل الترغيب من خلال المال السياسي والضغط بأشكال مختلفة، إلا أن الحكومة لم تنجح في تغيير قناعات الناس بالمقاطعة رغم بعض الاختراقات الطفيفة لبعض النفوس الضعيفة والوصولية وأصحاب الطموحات الذين ليس لهم فرصة للفوز في حال المشاركة الشعبية في الانتخابات.

إن كنا سنحتفل اليوم فسنحتفل بالموقف الوطني لهذا الشعب الأبي الذي واجه جميع الصعوبات والأهوال وجيمع الغزوات على أرض وطنه بما فيها أبشع احتلال في تاريخ الكويت، هذا الشعب صاحب العزة والكرامة الذي ضرب مثلاً باهراً في حب وطنه وتمسكه بمكتسباته الدستورية ورفضه المساس بنظامه الديموقراطي.

فعرس اليوم هو عرس تعبير الشعب الكويتي عن تمسكه بكرامته وحقه الدستوري بالمشاركة بالقرار باعتباره مصدر السلطات جميعاً، فالأول من ديسمبر هو النقطة الفاصلة بين الاحتجاجات والمطالب، هو بداية الوعي والنضج السياسي للشعب، فبعد اليوم سيثبت الشعب أنه «إما أن يكون ما يريد أن يكونه وإما لا يكون».
 
جريدة الرأي الكويتية
1 ديسمبر 2012