المنشور

المساس بجوهر الحق السياسي مخالف للدستور

فجأة أصبحت السياسة ذات سمعة سيئة، وبما أن الحكومة تضع نفسها مسئولة عن
الوطن والمواطنين، فإنها تنصح الجميع بالابتعاد عن السياسة، ومن لا يقبل
النصيحة فإن هناك ألف وسيلة ووسيلة يمكن للحكومة أن تستخدمها معه لإبعاده
عن السياسة. فالسياسة أصبحت مضرة حتى للجمعيات السياسية، وهذه الجمعيات
تنصحها الحكومة بأن تأخذ عطلة مفتوحة إلى أن يتم إبلاغها بأن بإمكانها أن
تمارس السياسة مرة أخرى… كما أن المسيرات أيضاً مضرة، ولذا فإن الجمعيات
يمكنها أن تنظم «وقفات» داخل مقارها فقط، وهذه الوقفات قد يتم إلغاؤها في
أي وقت.

الحكومة قررت عدم الالتزام بالقوانين التي تضمن الحريات
العامة، لأن الحريات مطلوبة فقط في حال كانت السياسة مسموحاً بها. أما مع
الوضع الحالي الذي ينظر إلى السياسة على أنها سيئة ولا داعي لها، فإن
الحكومة قررت استبدال القوانين بقرارات إدارية تصدر من خلف الأبواب
البيروقراطية المغلقة.

القواعد التي تستخدمها هذه القرارات الإدارية
قابلة للتغيير في أي وقت، وهي غير خاضعة للمناقشة، وذلك لأن المناقشة جزء
من السياسة، والسياسة – كما قلنا – مضرة وسيئة في وقتنا الحالي (وحتى إشعار
آخر). السلطات ستمارس عملها لتنفيذ القرارات الإدارية بحسب ما تراه
مناسباً لحماية الوطن من السياسة والسياسيين، وسيتطلب الأمر عدم التسامح مع
المعارضة التي لن يفتح لها أي باب للحوار إلا بعد أن تقنع الحكومة بأنها
أصبحت من صنف خاص ومرغوب جداً.

الغرض من التطرق للموضوع بهذا الأسلوب
إنما هو للإشارة إلى أنه من الصعب على الحكومة أن تقنع الكثيرين بالحكمة
الكامنة في التشدد الذي يمس جوهر الحق السياسي، لأن هذا مخالف لدستور مملكة
البحرين المادة 31 التي تنص على أنه «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات
العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً
عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية