المنشور

تحديات مؤتمر الأطراف




تعد
المفاوضات لتحرير التجارة العالمية في إطار منظمة التجارة العالمية
والمفاوضات الرامية لمعالجة معضلة تغير المناخ في اتفاقية الأمم المتحدة
الإطارية لتغير المناخ وبروتوكول كيوتو – أكبر وأوسع إطارين متعددي الأطراف
في العالم ثقلاً وتمثيلاً . فمنظمة التجارة العالمية تضم 157 دولة، فيما
يبلغ عدد الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ
194 دولة .




في
الفترة من 9-14 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 احتضنت العاصمة القطرية الدوحة
المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية الذي دشن انطلاقة الجولة
التاسعة من مفاوضات تحرير التجارة العالمية في إطار منظمة التجارة
العالمية، التي شكلت انفراجة نوعية في المأزق التفاوضي الذي وصلت إليه
الأسرة الدولية في مؤتمريها السابقين في كل من سياتل الأمريكية وكنكون
المكسيكية اللذين منيا بفشل ذريع . وقد حملت جولة المفاوضات التجارية التي
انطلقت آنذاك في الدوحة تسمية “جولة الدوحة للتنمية” .




اليوم
تمر المفاوضات الدولية المتعددة الأطراف الخاصة بتغير المناخ بمأزق يقارب
المأزق الذي مرت به المفاوضات المتعددة الأطراف لتحرير التجارة الدولية في
إطار منظمة التجارة العالمية قبل التغلب عليه مبدئياً في الدوحة في عام
،2001 أيضاً، وخلال أيام معدودات سوف تستضيف الدوحة مؤتمر الأطراف الثامن
عشر والذي سيستمر طوال الفترة من 26 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 7
ديسمبر/كانون الأول ،2012 وستشارك فيه وفود عالية المستوى (بعضها على مستوى
رؤساء الدول والحكومات) ووفود فنية ومنظمات دولية وحشد من مؤسسات المجتمع
المدني . 




صحيح
أن مؤتمر الأطراف السابع عشر الذي عُقد العام الماضي في جوهانز بيرغ قد
وضع الأساس للمرحلة الثانية من الاتفاق الدولي على التعامل مع مشكلة تغير
المناخ، وذلك بتحديده الإطار العام للفترة الثانية من خفض الانبعاثات التي
تنتهي هذا العام (امتدت الفترة الأولى من 2008 إلى 2012)، إلا أن الخلافات
بين الدول المتقدمة والدول النامية الممثلة في مجموعة ال 77+ الصين حول
القضايا الجوهرية، مازالت قائمة وستفرض نفسها على المداولات والمناقشات
الساخنة التي ستشهدها الدوحة على مدى اثني عشر يوماً، ويشمل ذلك التخفيف،
أي خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتكيف، والتمويل (تمويل مشاريع
وجهود الدول النامية الطوعية – وغير الطوعية في حال جرى الاتفاق في الدوحة
على ذلك)، وآليات هذا التمويل، ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة للدول
النامية لمساعدتها على القيام بتنفيذ التزاماتها (الطوعية، وغير الطوعية
أيضاً في حال جرى الاتفاق على ذلك في الدوحة) وآليات نقل هذه التقنيات .
ويمكن إيجاز القضايا الجوهرية العالقة التي ستشكل محور المفاوضات بين الدول
المتقدمة ومجموعة ال 77+ الصين (الدول النامية) في ما يلي:




(1)
تقرر في اجتماعات بون التحضيرية (4 – 25 مايو الماضي) حل مجموعة العمل
الخاصة بالتعاون الفعال طويل الأجل، أي إلى ما بعد انتهاء فترة الالتزام
الأولى في 2012 من دون الاتفاق على القضايا ذات الأولوية للمتابعة ولا مصير
القضايا التي لم يتم الاتفاق عليها في المجموعة . وهي قضايا جوهرية أقرت
في مؤتمر الأطراف 13 في بالي في 2007 (خريطة طريق بالي) وهي: الرؤية
المشتركة (طويلة الأمد) للتعامل مع تغير المناخ، التخفيف (خفض الانبعاثات)،
التكيف، التكنولوجيا والتمويل . وكان قد مُدد لهذه المجموعة عام واحد في
مؤتمر دوربان . ويرأس المجموعة حاليا خبير تغير المناخ السعودي أيسر الطيب .
وهو مكسب تفاوضي مهم لدول مجلس التعاون وللجامعة العربية ومنظمة البلدان
العربية المصدرة للبترول (أوابك) .




(2)
مازال الخلاف قائماً في مجموعة العمل الخاصة بالتخفيضات الإضافية لدول
المرفق الأول بموجب بروتوكول كيوتو، بشأن مدة الالتزام الثانية: 5 أو 8
سنوات . ففي حين تصر الدول المتقدمة (دول المرفق الأول) على أن تكون 8
سنوات، تصر الدول النامية على جعلها 5 سنوات لإظهار جدية الالتزام بالتخفيض
ومتابعته . ولم يحسم هذه المسألة الاجتماع التحضيري الآخر الذي عقد في
بانكوك (30 أغسطس – 5 سبتمبر الماضيين) . ويتعين الاتفاق على عدد الدول
المطلوب توقيعها على الاتفاق الجديد لفترة الالتزام الثانية (ما بعد عام
2012 الجاري) . علماً بأن اليابان أعلنت عدم انضمامها لالتزامات فترة
التخفيض الجديدة، فيما أعلنت كندا انسحابها من بروتوكول كيوتو، بينما أخفقت
كل من أستراليا ونيوزيلندا في تقديم التزامهما بالتخفيض في الموعد المحدد
لتقديم جدول الالتزامات .




(3)
لم يتم الاتفاق حتى في الاجتماع التحضيري الأخير (في بانكوك) على إطار
الاتفاق بشأن الآلية التنفيذية الجديدة لاتفاق التزامات فترة التخفيض
الثانية التي تم التوافق عليها في منهاج دوربان، والتي يفترض أن تقر في عام
2015 وتدخل حيز التنفيذ في عام ،2020 إضافة إلى موضوع عدالة توزيع عبء
التخفيف الذي تم إقراره أيضاً في منهاج دوربان والذي لم يتم الدخول في
تفاصيله، وهي تفاصيل ستشكل محور خلاف هي الأخرى .




(4)
سوف تشكل ضريبة انبعاثات الطيران التي فرضها الاتحاد الأوروبي من جانب
واحد على جميع شركات الطيران المنطلقة رحلاتها من مطارات الاتحاد الأوروبي
أو العابرة لأجوائها، احدى نقاط الخلاف الجوهرية في مؤتمر الأطراف القادم
في الدوحة .




في
شهر سبتمبر/أيلول الماضي استقبل نائب الرئيس الصيني لي كيكيانغ في بكين
رئيس مؤتمر الأطراف الثامن عشر عبدالله بن حمد العطية، وذلك في اطار جهود
الدوحة لترطيب وتهيئة الأجواء لإنجاح مفاوضات مؤتمر الدوحة . نائب الرئيس
الصيني طالب رئيس المؤتمر بأن تتبنى دولة قطر قضايا الدول النامية خصوصا في
ما يتعلق بخريطة طريق بالي التي أُقرت في مجموعة التفاوض المختصة بالتعاون
الفعال طويل الأجل، بما يؤدي إلى انتهاء التفاوض بشأن القضايا الجوهرية
المختصة هذه المجموعة بنظرها على النحو المرضي لكل أطراف التفاوض . كما شدد
نائب الرئيس الصيني على مبدأ المسؤولية المشتركة، ولكن المتغايرة، وعلى
ضرورة قيام الدول المتقدمة بإجراء خفض معتبر في الانبعاثات وأخذ التزامات
بذلك في فترة التخفيض الثانية قيد التفاوض . علماً بأن معظم الدول النامية
تعتبر انه من السابق لأوانه انهاء التفاوضفي ضوء عدم الوفاء بالوعود
المتعلقة بالتمويل والمراجعة العلمية التقييمية لحالة المناخ العالمية التي
تتطلب تحديثاً في البيانات والمعلومات . بينما ترى الدول المتقدمة أن
اجتماعات الدوحة يجب أن تنهي التفاوض بشأن أعمال هذه اللجنة .