المنشور

هناك فرق

من المؤكد أن هناك فرقاً كبيراً بين تعامل أفراد الشرطة ومكافحة الشغب
مع المتظاهرين أو المتهمين بين دولة وأخرى، حتى في دولنا الخليجية.

خلال
الأيام القليلة الماضية تم عرض مقطعي فيديو عبر شبكة التواصل الاجتماعي،
أحدهما حدث في دولة الكويت خلال تفريق احتجاجات شعبية، والآخر في البحرين
يظهر تعامل أفراد من مكافحة الشغب مع أحد المقبوض عليهم في منطقة بني جمرة.

ما
يجب التأكيد عليه بدايةً هو عدم جواز استخدام القوة في أي حالة من الأحوال
في مواجهة الاحتجاجات الشعبية، فلا يمكن تبرير استخدام القوة ضد مواطنين
عزل خرجوا للتعبير عن رأيهم.

ما رأيناه من خلال فيديو (اليوتيوب)
الذي استمر لأكثر من نصف ساعة في دولة الكويت، يؤكد أن الشرطة قد استخدمت
القوة الضرورية فقط سواءً خلال تفريقها للمتظاهرين أو القبض عليهم، ولم
يظهر في هذه اللقطات ما يشير إلى استخدام العنف المفرط الذي يشي بالانتقام
الشخصي من المتظاهرين، فلم يقم أيٌّ من أفراد الشرطة بضرب المقبوض عليهم أو
حتى إهانتهم.

إن معاقبة المتظاهرين ليست من صلاحيات الشرطة مهما فعل
هؤلاء المتظاهرون من أعمال، إنما ذلك هو من صلاحيات السلطات القضائية، كما
أن القانون لا يجيز لأفراد الشرطة الانتقام من المتظاهرين.

في مقابل
ذلك أظهرت لقطات الفيديو المصورة يوم الجمعة الماضية كيف يتم التعامل مع
المتظاهرين لدينا بعد القبض عليهم. فقد قام تسعة من أفراد مكافحة الشغب
بضرب ولكم وركل أحد المقبوض عليهم وهو ملقى على أرض مقبرة بني جمرة وبصورة
وحشية لا يمكن تبريرها، ومن ثمّ تم جره وسحبه لمسافة أكثر من عشرة أمتار
وهو لا يقوى على الوقوف من شدة الضرب، وقبل أن يتم إدخاله بالركل في سيارة
الشرطة قام أحد أفراد قوة مكافحة الشغب بالبصق في وجهه إمعاناً في إذلاله.
فهل يمكن القول بأن كل هذا العنف كان للدفاع عن النفس؟ وهل يمكن أن يبرّر
البصق في وجه المعتقل بأنه دفاع عن النفس أيضاً؟

إن من تم القبض عليه يؤكد أن كل ذنبه كان التوجه للصلاة في قرية الدراز المجاورة، وأنه لم يقاوم أفراد الشرطة أو يعتدي عليهم.

إن
تصريح وزارة الداخلية بإحالة الشرطة المعتدين على الشاب للتحقيق لا يمكن
أن ينهي المسألة في ظل سياسة الإفلات من العقاب، فهذه القضية لم تكن الأولى
ولا نظن بأنها ستكون الأخيرة، فهناك العديد من أفراد قوى الأمن المتهمين
بجرائم القتل والتعذيب، واستخدام القوة المفرطة، وقد حوّلت قضاياهم إلى
المحاكم ولكنهم لم يوقفوا حتى عن العمل إذ مازالوا يمارسون مهام عملهم،
وبعضهم بُرّئ من تهمة التعذيب رغم تقديم العديد من الأدلة التي تدينهم، كما
في قضية تعذيب الزميلة الصحافية نزيهة سعيد.

في قضية مشابهة لقضية
شاب بني جمرة، تم إحالة عدد من قوات مكافحة الشغب للتحقيق في قضية التعدي
على شباب من منطقة الشاخورة فوق سطح أحد المباني، وهذه الحادثة تم تصويرها
أيضاً ونُشرت في الصحافة، ويبدو أن التحقيق لم يستكمل، أو تم غض الطرف عنه
بعد أن هدأت المسألة.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية