المنشور

نحو مستقبل يشترك فيه الجميع

أحد التحديات التي نواجهها حاليّاً يكمن في قدرتنا على تحديد مستقبل
يشترك فيه جميع فئات الوطن، بمعنى أن تتشكل قناعة بأن مستقبل بلدنا سيكون
للجميع، وليس لفئة على حساب أخرى. هذه المسألة قد تبدو عرضية أثناء الحديث،
لكنها تمثل تحدياً كبيراً؛ لأنها تخلق شعوراً عميقاً بالارتياح أو بالأذى،
وبمقدار ما ينتشر الأذى النفسي فإن الوضع العام يتأثر مباشرة بذلك، والحال
كذلك فيما لو خُلق شعور بالارتياح نحو المستقبل، فإن الوضع يتأثر
إيجابيّاً وبصورة مباشرة.

ومن أجل أن يتشكل شعور إيجابي عميق
بالمستقبل، فإننا بحاجة إلى تحقيق قدر كبير من الثقة التي يمكن أن تؤسس
لتفاهم حول قضايا أساسية. وفي الأشهر الأخيرة سمعنا الكثير عن إمكانية
انطلاق حوار وطني، ولكثرة ما تردد عن هذا الحديث من دون نتيجة عملية، فإن
الكلمات بدأت تفقد معانيها، وهذا ينعكس على مجريات الأمور بصورة تجعل من
الصعب تشكيل صورة مشتركة عن المستقبل.

وفي مثل هذه الأجواء، من
الطبيعي أن يختفي التفكير الاستراتيجي الهادئ الذي ينظر إلى الأمور وعينه
على مستقبل البحرين… مثلاً، لو فكرنا لمستقبلنا بعد عشرة أعوام… فما هي
الصورة التي نود أن نرى البحرين عليها في العام 2022؟ وما هي التوقعات لما
سيحدث في ذلك العام لو استمرت الأمور على ما هي عليه الآن؟

في الوضع
الحالي فإن الجانب الحماسي يسيطر على كثير من الأطراف الفاعلة، سواء كان
ذلك على المستويات الرسمية أم الأهلية، ومع استثارة العواطف يصعب تحديد
مقاسات عقلانية لتشكيل صورة لمستقبل يشمل الجميع ويعتمد على إرادة وطنية
واحدة.

إن الحراك السياسي الذي نشهده حاليّاً يقف عند مفترق طرق،
وعلى رغم أن الجمود يبدو وكأنه سيد الموقف، إلا أن هناك مؤشرات على تغييرات
في خريطة القوى المؤثرة على الساحة، وهذا له تداعيات. ففي حين، مثلاً،
يوجد تلكؤ نحو إحداث اختراق في الجمود الحالي من خلال تفاهم بين أطراف تعرف
بعضها حاليّاً، فإن الزمن يتغير والفاعلين والمؤثرين يتبدلون أيضاً، ما
يعني أن الوقت ليس لصالح تأخير انطلاق الحلول العملية.

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية