المنشور

الأمم المتحدة وفلسفة اللاعنف من أجل تحقيق كرامة الشعوب

في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2007 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة
«اليوم الدولي لنبذ العنف»، وذلك تزامناً مع ذكرى ميلاد المهاتما غاندي،
زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية «اللاعنف». وكما تؤكد
أدبيات الأمم المتحدة، فإنها تحيي هذا اليوم الدولي وتدعو إلى نبذ العنف
واستخدام المبدأ كأداة لتحقيق السلم والأمن في العالم.

وخلال احتفال
الأمم المتحدة هذا العام، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فوك
يريميتش: «إن العالم الذي نعيش فيه الآن يتسم بالكثير من التعصب السياسي
وعدم التسامح، وإن اللاعنف هو أداة فعالة في تحقيق السلم والأمن في
العالم».

وأضاف يريميتش «إن حياة غاندي غير العادية من الصعب
محاكاتها بالكامل. هناك عدد قليل استطاعوا الاستمرار في اتباع المعايير
التي وضعها، ولكن المهم هو عدم التخلي عن محاولة التفكير والتصرف مثلما
فعل، والسعي إلى الارتقاء إلى مثله وتطبيق فلسفة اللاعنف في القرارات التي
نتخذها».

وتوضيحاً لشخصية غاندي، أشار وزير الشئون الخارجية الهندي
شوري كريشنا – كما أشار إلى ذلك بيان من الأمم المتحدة – إلى أن المهاتما
غاندي كان قليل الصبر لأجل التغيير، ولكنه تجنب العنف كأداة لفرض وتيرة
التغيير، وأضاف «في كلمات غاندي، وأنا أقتبس: إن اللاعنف هو أقوى من أعتى
أسلحة الدمار التي وضعتها براعة الإنسان».

الممثل الخاص للأمين العام
للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر دعا في تصريح بمناسبة اليوم الدولي
لنبذ العنف كل العراقيين إلى الالتزام بحل النزاعات عبر الوسائل السلمية
فقط، وقال إنه قلق إزاء تزايد أعمال العنف التي شهدها العراق في الفترة
الأخيرة، مشيراً إلى الأرقام الرسمية التي أفادت بأن شهر سبتمبر/ أيلول
2012 كان أكثر الأشهر دمويةً في العراق منذ أكثر من عامين، حيث أسفرت
الهجمات عن مقتل أو جرح أكثر من ألف شخص. وشكلت الجرائم الدامية، التي
مازالت تلحق بالعراقيين، صدمة لكثير من الأطفال الأبرياء والأمهات والآباء
وللناس من مختلف مناحي الحياة. ودعا كوبلر كل رجل وامرأة في العراق إلى
رفض أعمال العنف هذه والتي لا يمكن تبريرها بأي حال من الأحوال، داعياً
حكومة العراق إلى معالجة الأسباب الجذرية وراء العنف وضمان تحقيق عملية
سياسية حقيقية شاملة تحترم وجهات نظر ومصالح كل مجتمعات العراق.

البروفيسور
المتخصص في فلسفة اللاعنف، جين شارب، قدم بحوثاً حول طبيعة العنف، سعياً
إلى إيجاد بديل حقيقي يعتمد على اللاعنف، ويشير في كتاباته إلى أن تبرير
العنف من خلال الحديث عن الدفاع عن الحرية والعدالة والدين والمعتقد ونشر
الحضارة، ليس الخيار الأفضل، وأن البديل للعنف هو النضال اللاعنفي بكافة
أنواعه السلمية النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويتحدّث كثيراً
عن المقاومة اللاعنفية التي قادها غاندي في الهند ضد الاستعمار البريطاني.

ويشير
شارب إلى مفاهيم خاطئة شائعة لدى الناس تقول بأن العنف هو الأسلوب الأقصر
للتغيير، وأن النضال اللاعنفي يحتاج إلى مدة طويلة لتحقيق أهدافه. وأن خيار
العنف هو خيار الأقوياء، وأن خيار النضال اللاعنفي خيار الضعفاء. وأن
النضال اللاعنفي لا ينفع مع الأنظمة الدكتاتورية التي لا تؤمن بحقوق
الإنسان وقد تنجح في الأنظمة التي تؤمن بحقوق الإنسان.

وبما أن الأمم
المتحدة تحث الشعوب على استخدام اللاعنف، فإن من واجب الأمم المتحدة أن
تطور آلياتها لحماية الشعوب التي تنتهج هذا الأسلوب لتحقيق مطالبها
المشروعة التي تحدّدها بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والأمم المتحدة
لديها إمكانات كبيرة تستطيع من خلالها أن تؤثر في مجرى السياسة الدولية
لكي تدعم بذلك أطروحتها الداعية إلى تحقيق السلام الدولي، وفي الوقت ذاته
احترام حقوق الناس الأساسية في العيش بكرامة من دون قمع واضطهاد.

ريم خليفة
صحيفة الوسط البحرينية