المنشور

نقطة التقاطع كمخرج من الأزمة

مقالان
رصينان قرأتهما أمس في صحافتنا المحلية، يلامسان جوهر الأزمة المستمرة
والتي أوشكت على دخول عامها الثالث، دون وجود مؤشرات يُعول عليها، على قرب
الخروج منها، بل على العكس فما هو ماثل أمامنا من ممارسات ومن خطابات تدل
على أن أفق الحل ليس قريباً، وهذا أمر سيجر على البلد والمجتمع المزيد من
الخسائر والتضحيات، تضاف إلى ما خسرناه ونخسره جراء استمرار وتفاقم هذه
الأزمة.


 المقالان
اللذان نحن يصددهما هما للزميلين محمود القصاب وعبدالله الأيوبي، ففي حين
يتقصى مقال القصاب جذور الأزمة وآفاق حلها، يتوقف الأيوبي أمام حقيقة أنه
لا مخرج من الأزمة الراهنة إلا بالحوار الهادف لوقف النزيف الذي يتعرض له
الوطن.


 المطلوب
لإخراج البلد من الأزمة الراهنة، حسب محمود القصاب، هو «إعادة التوازن»
السياسي والاجتماعي الذي يعاني من خلل مزمن وفاضح، وهذا يتطلب إجراءات جادة
وحاسمة، لا تحتمل أية مماطلة أو تسويف، من أجل ضبط وتصحيح مسار المعادلة
السياسية والاجتماعية في البلد لتأخذ طريق العدل والإنصاف والمشاركة
للجميع، عبر عقد اجتماعي سياسي متوازن، وهذا يتطلب صهر طاقات الشعب
البحريني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية بالتوافق بين كل هذه الأطراف،
وأن أيّاً منها لا يستطيع أن ينتج أو يفرض حلاًّ سياسيّاً بمفرده.


مدخل
نقطة التقاطع الوسطية التي يطالب بها القصاب هي الاتفاق على مبدأ
الإصلاحات اللازمة والضرورية، بما يحقق مطالب الناس العادلة والمشروعة في
شراكة سياسية حقيقية، لكي لا تستمر هذه الأزمة مفتوحةً على الزمن وتجعل
البحرين ساحةً مكشوفةً لكل أشكال التدخلات الخارجية المرفوضة من قبل كل
الحريصين والخائفين على مستقبل البلد وعلى وحدته وسيادته الوطنية.


أما
الأيوبي فيطالب بأن يضع جميع الفرقاء مصلحة الوطن ومستقبل أبنائه في مقدمة
الأهداف، ليس بالأقوال وإنما بالأفعال من خلال خطوات عملية يمكن أن تأخذنا
إلى نقطة التقاطع الوسطية التي يدعو اليها  القصاب، والتي تتمثل  برأي
الأيوبي في الأرضية القادرة على حمل جميع الأطراف، لدفع الجهود الصادقة
والمخلصة لمعالجة الجروح التي أثخنت جسد هذا الوطن على مدى أكثر من عام
ونصف العام، من دون أن نرى في الأفق سوى دعوات، يمكن وصفها ببالونات
الاختبار، مع أن الوضع ليس بحاجة إلى مثل هذه البالونات، وإنما إلى خطوات
عملية ودعم صريح وقوي لأي مبادرة أو خطوات، من أي جهة كانت، هدفها المساعدة
على إخراج بلادنا من الحالة التي تمر بها حاليا.


الأيوبي
كما القصاب يرى أن هناك حقيقة لا يمكن تغييرها والالتفاف عليها أو عدم
الاعتراف بها، وهي أن هذه الأرض تحتضن شعبا متعدد الأعراق والأديان
والمذاهب، وجميع هؤلاء يجب أن يستظلوا بمظلة العدالة والمساواة، لهم جميعا
حقوق وعليهم واجبات، وأن أي مكون من هذه المكونات يعتقد أن بإمكانه العيش
من دون علاقات مع المكونات الأخرى، أو أنه يجب أن يقف على درجة أعلى من
الدرجات التي تقف عليها المكونات الأخرى، فهو لا يعيش في وهم فقط، وإنما
يتسبب على المدى البعيد في زرع مسببات عدم استقرار وتطور البحرين.