المنشور

معركة جنيف المنتصر والمهزوم

ما الذي جرى في جنيف؟ وهل كان اعتماد مجلس حقوق الإنسان لتقرير البحرين
نصراً حاسماً للوفد الرسمي وشهادة حسن سيرة وسلوك لممارسات البحرين فيما
يخص حقوق الإنسان؟ وهل تمت حقاً هزيمة الوفد الأهلي أمام العالم؟

ما
يراد لنا تصديقه من خلال الإعلام والاحتفال بالنصر المؤزر بنشوة كبيرة هو
أن الوفد الرسمي الذي ضم أكثر من 100 ممثل حكومي ومندوب عن مؤسسات أهلية –
أنشئت مؤخراً عن طريق ضرب المؤسسات الأهلية الأصلية وخلق بدائل لها تتوافق
مع النهج الحكومي بالنظر إلى الأزمة الحاصلة في البحرين – استطاع أن يثبت
للعالم أن البحرين هي جنة حقوق الإنسان على الأرض، وأنها لم تقم خلال
الفترة الماضية بأي انتهاك يمكن أن يؤخذ عليها ويسجل في سجلها الحقوقي؛ وأن
دول العالم والمنظمات العالمية، عادت إلى جادة الصواب وانتصرت للحق بعد أن
كانت مخدوعة وتنظر للأمور من منظار واحد.

من يعود للوراء قليلاً،
وتحديداً إلى شهر مايو/ أيار الماضي، عند مناقشة ملف البحرين في مجلس حقوق
الإنسان، يتذكر كيف أن الإعلام الرسمي لدينا شن حملة هوجاء ضد جميع دول
العالم عندما أمطرت هذه الدول البحرين بـ 176 توصية خرج بها المجلس، وهو
كمٌّ من التوصيات لم تنله أية دولة أخرى نوقش ملفها الحقوقي في المجلس، حتى
أن البعض لم يتورّع من اتهام رئيسة مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
نافي بيلاي بالتحيز، بل ووصفها بأبشع الصفات لمجرد أنها استمعت لمخاوف
الوفد الأهلي من التعرض لمضايقات من قبل الحكومة. بل وصل الأمر إلى حد شتم
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل أيام، عندما انتقد التهديدات
التي تعرض لها الوفد الأهلي البحريني الذي شارك في جلسة مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة بجنيف.

ما يراد لنا تصديقه من نصر وهمي من خلال
اعتماد تقرير البحرين في مجلس حقوق الإنسان – وهو إجراء شكلي معتاد – بعد
أن قبلت البحرين بتنفيذ 145 توصية بشكل كلي و13 توصية بشكل جزئي من أصل 176
توصية قدمتها الدول في مايو الماضي أثناء المراجعة الأولى، بالإضافة
لتعهدها سابقاً بتنفيذ 26 توصية تقدّمت بها اللجنة البحرينية المستقلة
لتقصي الحقائق، وهو ما يجعل الحكومة البحرينية أمام التزامات دولية صارمة
ستحاسب على تنفيذها بشكل دوري، وسيكون أول تقرير عن التقدم الفعلي في تنفيذ
التوصيات في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، أي بعد شهرين من الآن.

ما
حدث في جلسة الأربعاء ما هو إلا بداية الطريق وليس نهايته، وما سيعد نصراً
للبحرين بجميع مكوناتها هو تنفيذ التوصيات على أرض الواقع وليس التعهد
بتنفيذها.

جميل المحاري
صحيفة الوسط البحرينية