المنشور

أسندوا أمكم النخلة إن مالت وإن مال الزمان

 


“أسندوا أمكم النخلة إن مالت وإن مال الزمان”


النخلة تشبه الإنسان… إن قطع رأسها ماتت ولا تعويض للسعف 

تغنى الكثير من شعراء البحرين بالنخلة وثمارها، فكانت مصدر إلهام لكثير منهم، خاصةً هؤلاء الذين تربوا في البقع الخضراء التي تكثر فيها الزراعة حتى باتت تلك الشامخة جزءاً لا يتجزأ من حياتهم وكتاباتهم. 
 
تأثر الشاعر يوسف حسن كذلك بالنخلة في ديوانه الشعري “من أغاني القرية” حيث قال: 
أسندوا أمكم النخلة ان مالت وإن مال الزمان 
فهي ان امحلت الدنيا من الجوع.. أمان 
وهي للملهوف مأواه وللمقطوع دفء وحنان 
هي صدر الأم عن برد
وفي الأصياف ضرع وسلام.


 
الوطن الملون

هكذا وصفها شاعر القرية المرهف والرئيس الأسبق لأسرة أدباء وكتاب البحرين يوسف حسن، الذي رأى في النخلة الأمان والشبع، والظل والعجب، الأم في فصل المطر، والسلام في فصل العرق.. 


 
ليس سرا أن البحرين عرفت بلقب “بلد المليون نخلة”، وهو وطن كان ملونا بالأخضر ولون العيـون الممتدة والمحيطة بزواياه، هكذا اعتادت ارض الفلاحين أن تـكون، ولكن اعتادت اليوم ان تكون ارضا بحلة جديدة معاصرة قد تكون بعيدة عن النخلة، قريبة للنهضة، لذا اختلفت النظرة بين القدامى الذين استظلوا بالنخيل و صنعوا من جذوعه سقوف و أعمدة لبيوتهم وجعلوا من النخلة حبلاً للأواني و اتخذوا من التمر طعاماً مغذياً، وعلفاً لنواة الماشية وعسلاً وحتى خمراً، وبالطبع تختلف نظرة الجيل الجديد للنخيل واستخداماتها. 

 


النظرة المختلفة

 
ففي الدول المجاورة والشقيقة مثلاً نظر إلى النخلة منظراً مختلفاً تماماً عن بلادنا أم المليون نخلة، ففي الإمارات العربية المتحدة مثلاً يكفي أن يقوم الزائر بجولة برية من مدينة ابوظبي قاطعاً المنطقة الغربية حتى الإمارات الشمالية ليرى انتشار النخيل دون انقطاع على كل جانب، حيث ان بلغت تلك النخيل أرقاما هائلة، ولم تهتم الإمارات المتحدة بالمنظر السياحي وحسب، إنما تم إنشاء مصانع للتمور، ومراكز الإرشاد والتوعية ومراكز محاربة الآفات التي تصيب النخيل، بينما لا يوجد إلا مصنع واحد للتمور في البحرين.

 
أما بالنسبة للكويت فصحفها الصادرة خلال العام 2001 م وأخبارها التي غطت الحملة الكبيرة لزراعة أشجار النخيل والتوعية والتشجيع لما لمسوه من فائدة عظيمة لتلك الشجرة في البيت الكويتي الذي يقدم التمر بجانب الفواكه للضيوف ولم تكمن هنا روعة الحدث بل إن الأواني المقدمة بها مصنوعة من النخيل.


النخلة الإنسان

 
وقد يظهر الاهتمام والاشتياق من نفس الإنسان نفسـه لما للإنسان من شبهة على حد قول كمال الدين القاهري صاحب كتاب النبات والحيوان: “إن النخلة تشبه الإنسان” فهي ذات جذع منتصب ومنها الذكر والأنثى وإنها لا تثمر إلا إذا لقحت، وإذا قطع رأسها ماتت، وإذا تعرض قلبها لصدمة قوية هلكت، أو قطع سعفها لا تستطيع تعويض محله كما لا يستطيع الإنسان تعويض مفاصله وكذلك غشاء النخلة الليفي شبيه بشعر جسم الإنسان، نبتة على صورة إنسان، والإنسان في البحرين يكاد يفقد رفيقة دربه “النخلة” وقرينة أرضة ومياهه.

 
هل من الممكن ان تفيق الدولة بشعبها عن النفيسة “النخلة” وتلتفت الى وجه هذه العمة الكبيرة على هذه الأرض الطيبة الجميلة.