المنشور

المنحى الانتقامي ليس حلاً

من المؤسف له أن نشهد المنحى الانتقامي في العديد من الإجراءات
والقرارات والتصريحات، وهذا المنحى لا يمكن أن ينفعنا في البحرين ونحن نقف
على مفترق طرق؛ باحثين عن مخرج لما نمرُّ به. بإمكان أي مراقب أن يتابع
تخصيص الإمكانات في القطاعات الحيوية، المشاريع الإسكانية، البعثات،
التعيينات، وفي مختلف المجالات الحياتية اليومية أو الاستراتيجية؛ ويرى بكل
بساطة المسار التصاعدي والممنهج لهذا المنحى السقيم.

حاليّاً يمكن
قراءة الأخبار ومتابعة التصريحات والقرارات؛ لنرى أن أي شيء له علاقة بمنصب
أو بمشروع أو أي شيء مهم؛ فإنه يُخص بفئة معينة من المجتمع، وفي الوقت
ذاته؛ فإن أي خبر عن معتقلين أو محكومين أو مفصولين أو مطاردين في أرزاقهم
على كل المستويات؛ فإنه يخص بفئة معينة أخرى من المجتمع.

المشكلة في
هذا المنحى؛ أن الفئة المستهدفة تقرأ التصريحات الرسمية بشكل مختلف…
فسيادة القوانين قد تعني المزيد من هذه الإجراءات، وحماية المكتسبات قد
تعني أن الوضع غير الصحيح سيبقى إلى الأبد، وأن التوافق الذي تحقق بين
فرقاء؛ إنما هو توافق على كل هذه الأمور وهو يعني – فيما يعني – قراءة
الفاتحة على مستقبل فئة كاملة من المجتمع، وبالتالي التأسيس لاستمرار حالة
من عدم الاستقرار.

القضايا التي يمكن طرقها أصبحت كثيرة جدّاً، وهي
لم تعد خافية على أحد، بل إن هناك حاليّاً حالة من التفاخر العلني بهذا
المنحى الذي لا يخلق سوى مزيد من الإحباطات التي تؤثر مباشرة على الوضع
السياسي. ولقد تطرقت من قبل إلى مثل هذا الموضوع في مارس/ آذار 2011، بأن
«خطاب الانتقام يسعى لتوسيع وتثبيت ومواصلة كل القرارات والأعمال التي تهدف
الى إنزال أكبر قدر من الضرر ضد مجموعات من المعارضة وفئة من المجتمع كانت
ومازالت لديها شكاوى ومطالب… ومن يرفع خطاب «الانتقام» يخلط ذلك بمفاهيم
تتعلق بالثأر والاستئثار والإضرار والإقصاء. وأصحاب هذا الخطاب واهمون،
لأن ما حصل في البحرين إنما كان إحدى نتائج هذه الثقافة غير الصالحة،
والإمام علي (ع) يقول «لا سؤدد مع انتقام». فالانتقام، وكما يوضح الإمام
علي لا يدوم، وإنما يعود على من يقوم به سلباً قبل أن يعود على الآخرين
بالضرر».

أجد نفسي بحاجة إلى التذكير، لأن الذكرى تنفع المؤمنين،
ولاسيما أن الحديث عن الحوار لا يتناسب مع هذا المنحى الذي لا ينتج سوى
الخراب والمعاناة، وهو منحى لا يتوافق أبداً مع التصريحات التي تتطلع إلى
الأمام وإلى الأمل في ما هو أفضل.

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية