المنشور

يا أيها الجالس على عرش مصر.. حذار – رفعت السعيد


الأستاذ الدكتور محمد مرسى. لك احترام واجب وجوب استمرار معارضتى لك ولحزبك ولسياساتك. وأعرف جيداً أن ابتسامتك المنتشية بما لم تكن تحلم به قد تغريك بعدم الاهتمام بتحذير أسوقه لوجه الوطن، وخوفاً على الوطن. فتحذيراتى جدية فاحذر من تجاهلها. ولا يغرنك تحكمك المتواصل فى المفاصل والمناصب فكل ذلك قد يستحيل كما استحال سابقه فى لحظة انتفاض شعبى. وأبدأ:

أحذرك من أن الأمريكيين وبرغم ما يبدونه نحوك ونحو جماعتك من حماس وحنان ودعم ويحفرون تحت أقدامك غير الراسخة سعياً لمخطط يستهدف مصر ذاتها، لتفكيكها فتصبح دولة ولا دولة، وحكومة ولا حكومة، وبرلماناً ولا برلماناً، وتردياً فى الأمن، وفوضى تتصاعد. ويبقى العرش عرشاً ولكن على خواء.. ونموذج العراق جاهز.

واحذر من أن جيش مصر مستهدف فى وحدته وقدراته وتماسكه فهو آخر ما تبقى لمصر وللعرب، وتأمل جيوش تونس، ليبيا، والسودان، سوريا والعراق.. فكل منها بشكل أو بآخر تمزق وأصبح ولا شىء، ولم يبق سوى الجيش المصرى فإن فعلوها به أصبحت إسرائيل سيدة وحاكمة ومتحكمة بلا حرب. وتمزيق الجيوش الأخرى تم التخطيط له أمريكياً.. فاحذر لئلا يكون زمانك هو زمان دمار مصر وخضوعها.

أحذرك من إغواء جماعتك بدفعك للمساس بالدولة المدنية وحقوق المواطنة وحريات الصحافة والإعلام والإبداع والخلق الفنى والأدبى. أو مواصلة أخونتها فذلك سيزيدك ضعفاً وعزلة وسيسهل على الأمريكيين مؤامرتهم لضرب الجذور المصرية التى ظلت راسخة قروناً، فاحذر أن يكون زمانك هو زمان الهيمنة الأمريكية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً على ركام مصرى لا يستطيع المقاومة أو حتى النهوض. وأحذرك من قنبلة دائمة ومؤهلة بسبب جلوسك أنت وجماعتك على عرش السلطة للانفجار.

إنها قنبلة الإخوة المسيحيين الذين طال زمان تجاهل حقوقهم.. وحانت بسبب وجودك ساعة استيقاظهم للمطالبة بها جميعاً. وإخوان جماعتك وحلفاؤك السلفيون لا يهتمون إلا بنص منتزع من قول فقهى قديم يختلف عن أقوال أخرى.. ومع ذلك يدقون به مسامير فى نعش حقوق المواطنة المتساوية تماماً، فى كل شىء.. تماماً فى كل الوظائف ودور العبادة وغيرها. وحذار من المماطلة أو التجاهل فالأمر أكثر تعقيداً وخطورة مما يهمس به رجال جماعتك المحيطون بك.

حذرك من فقر الفقراء. وأنت يلهيك عنهم أحاديث ترفض الحد الأدنى للأجور بزعم نقص الموارد وترفض الحد الأقصى للأجور بزعم عدم إغضاب الكبار وترفض الضرائب التصاعدية بزعم تشجيع المستثمرين ويحقنونك كل يوم بوهم أن الأمور ستهدأ وأن العمال سيمتنعون عن المطالبة بخبز لأطفالهم لمدة عام وهو ما لن يحدث.. فهل يصبر أب على جوع أطفاله لمدة يوم واحد وليس عام كامل؟

ثم تتمادى عمليات إفقار الفقراء لتصل إلى تجويع الفقراء فيغريك خبراء جماعتك برغيف العشرة قروش فحذار.. حذار من أن تمس رغيف الخبز. واحذر ثورة الجياع فلا أنت ولا جماعتك ستقدرون على مواجهتها.

يا د. مرسى إن نصيحتى تأتى من خوف على مصر وليس عليك. ومع ذلك أتمنى أن تأخذها مأخذ الجد.. فمصر العظيمة قد تنهار بسبب نشوة الاستحواذ وسوء الحكم والتحكم، لكنها ستنهض لتعيد كتابة تاريخها، وساعتها لن يبق للمسؤول عن ركوعها سوى «عار الزمان وسبه للأبد».. فحذار مرة أخرى وليست أخيرة.
 
 
موقع الحوار المتمدن
الكاتب: رفعت السعيد
15 سبتمبر 2012