المنشور

مساعدات الأصالة للجيش الحر وتزييف الواقع

من حق جمعية الأصالة أن تدعم سياسياً وإعلامياً من تشاء في الصراع
الدائر في سورية، حتى وإن كان ذلك مخالفاً لقانون الجمعيات السياسية
والسياسة الخارجية البحرينية المبنية على عدم التدخل في الشئون الداخلية
للدول الأخرى، ولكن أن تقوم بإيصال مبالغ مالية من أجل تسليح الجيش الحر في
سورية، فإن ذلك يدخل في باب إذكاء نار الحرب الأهلية واستمرار عجلة القتل.

لم
يكن ليتكلم أحدٌ حول ذلك لو كانت هذه المساعدات موجهةً لضحايا الحرب
الدائرة هناك، من مواطنين سوريين هجروا بيوتهم هرباً من العنف الدائر بين
الجانبين، وأصبحوا لاجئين على الحدود مع الأردن وتركيا والعراق يبيتون في
العراء ولا يجدون ما يسد رمقهم في هذا الشهر الفضيل. ألم يكن من الأجدى
إنسانياً مساعدة هؤلاء الأطفال والنسوة، بدلاً من مساعدة المسلحين وتشجيع
أعمال القتل؟

لست في وارد الدفاع عن النظام السوري أو أي نظام عربي
آخر، فأغلب الأنظمة العربية قد انتهت صلاحيتها، وإن لم يحن دورها في هذا
الربيع العربي فهناك أكثر من ربيع قادم.

في حديثه في أحد المجالس عن
تجربته الشخصية خلال رحلته إلى سورية لتوصيل الأموال للجيش الحر، تعمد
الشيخ عادل المعاودة أن يخلط الأوراق ويحمل الحراك الدائر في سورية ما لا
يحتمله من تأويل وتحليل، حيث إنه يرى أن الصراع الدائر هناك هو صراع بين
أهل العقيدة الحقة والإسلام الصحيح وبين أهل البدع والضلال والشرك.

لقد
مر ربيع الثورات العربية في عدد من الدول، في تونس ومصر وليبيا واليمن،
فهل كان الصراع هناك بين أهل الإسلام الحق وأهل الإسلام الحق، أم كان ذلك
من باب «للمجتهد المصيب أجران وللمخطئ أجر واحد» أو كما جاء في الصحيحين عن
عمرو بن العاص أن النبي (ص) قال‏:‏ ‏»‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران
وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر‏»،‏ وبذلك يكون للشعوب العربية التي تخلصت من
حكامها أجران في حين يكون أجر واحد لمعمر القذافي وزين العابدين بن علي
وحسني مبارك وعلي صالح؟

وكيف يفسّر لنا من يدعي وقوفه إلى جانب
الشعوب العربية من أهل السنة والجماعة صمته التام عمّا حدث لأهله وجماعته
في هذه الدول من قتل وتعذيب واغتصاب من قبل الأنظمة ذات العقيدة الحقة؟

أخطر
ما في الأمر هو تحويل الصراع السياسي في سورية إلى صراع مذهبي وطائفي،
وإسقاط هذا الأمر على الوضع البحريني… وأخطر ما قام به البعض هو تحميل
أبناء الطائفة الشيعية في جميع أنحاء العالم ما يقوم به النظام السوري من
جرائم، ليؤكد بعد ذلك أن «هؤلاء الناس على بدع وعلى ضلال وعلى شرك».

لقد
جانبتم الصواب فيما ذهبتم إليه لسبب بسيط وهو محاولتكم لي عنق الحقيقة
ومحاولة تصوير الصراع السياسي والحقوقي ونضال الشعوب من أجل استعادة حريتها
وكرامتها، على أنه صراع بين مذهب حق وآخر باطل.

جميل المحاري


صحيفة الوسط البحرينية