المنشور

رمضان وعودة دفء العلاقات الأخوية

شهر رمضان المبارك يمكن أن يساهم ولو بشكل بسيط في إذابة الثلج عن
العلاقات الأخوية بين البحرينيين، من خلال المجالس الرمضانية. فهناك العديد
من الأصدقاء والمعارف وزملاء العمل من الطائفتين الذين اعتادوا زيارة
بعضهم البعض منذ عهد قديم في هذا الشهر الفضيل.

في المجالس الرمضانية
تعود الألفة بين الناس ويطغى صدق المشاعر التي يكنها كل للآخر، وحتى وإن
اختلف معه مذهبيّاً أو سياسياً، فالجميع أبناء وطن واحد عاشوا معا منذ عقود
ولا غنى لأحدهم عن الآخر.

هناك من استطاع تحويل الحراك السياسي إلى
فتنة طائفية، وهو يسعى الآن لتتحول هذه الفتنة إلى عداء شخصي بين الناس،
ليسهل تحريكهم كما يتم تحريك البيادق الخشبية في لعبة الشطرنج. ولذلك فهو
يتحدث باسم جميع الناس ويفكر نيابة عنهم.

وللأسف فإن الأغلبية قد
صمتت وارتضت أن يتحدث باسمها الآخرون وكأن ليس لها لسان تتحدث به ووافقت
على أن يلعب الآخرون بمشاعرها، وكأن ليس لها رأي فيما يحدث، فكلما هدأت
النفوس وبدت الأمور تعود لوضعها الطبيعي، زادت حدة الشحن الطائفي وبثت
الأكاذيب وقدمت جرعات من التخويف والتخوين وكشفت المزيد من المؤامرات.

في
مقابلة نشرت قبل يومين للنائب الثاني لمجلس النواب الشيخ عادل المعاودة
يشير إلى نقطة مهمة وهي أهمية فتح قنوات للحديث مع بعضنا البعض للوصول إلى
نقاط مشتركة فهو يقول إن «الأزمة في البحرين هي أزمة سياسية اصطبغت بالصبغة
الطائفية عند البعض وعند آخرين العكس، لذلك أي حل يتم دون اشتراك المكونين
الرئيسيين للشعب هو حل فاشل، لذلك أولاً يجب أن يجتمع الممثلون للطائفتين
في الحل. وثانياً أن يترك لهما الاتفاق على سقف من الإصلاحات. وثالثاً يجب
أن تكون هذه الإصلاحات متوازنة تحفظ للطائفتين استمرار الاستقرار والتعايش
السلمي فيما بينهما».

هذا الطرح الوسطي لم يكن يسمع في السابق وهو
يمثل قاعدة يمكن البناء عليها للتقدم للأمام بدلا من حالة الجمود أو الرجوع
للوراء، بشرط أن يستمع كل للآخر. ويمكن أن يكون هذا الطرح غير مقبول لدى
البعض، لسبب أو لآخر ولكنه يمثل خطاباً عقلانيا يقترح حلولاً، في حين كانت
جميع الخطابات السابقة ترفض أي مقترح يتضمن الحوار.

لا أظن أن الشيخ
المعاودة وحده من يقتنع بأهمية الجلوس على طاولة الحوار، وإنما هناك العديد
من الشخصيات الوطنية من الجانبين التي تفكر في ذلك ولكن ارتفاع نبرة
الأصوات المتطرفة يجعلها متخوفة من طرح آرائها في هذا الوقت على الأقل.

جميل المحاري

صحيفة الوسط البحرينية