المنشور

« ما وراء الطريق المسدود »


هذا العنوان لتقرير (أكثر من 30 صفحة) صدر قبل يومين عن البحرين، والجهة التي أصدرته «تشاتام هاوس»، المؤسسة البحثية القريبة من وزارة الخارجية البريطانية. التقرير كتبته الباحثة الاستراتيجية «جين كينينمونت»، وهي متخصصة في الشرق الأوسط ودول الخليج، واستعرضت من خلال هذا التقرير التطورات التي أوصلتنا إلى «طريق مسدود»، ومن ثم تطرح ثلاثة سيناريوهات محتملة، تنتظر مستقبل البحرين الغامض «ما وراء الطريق المسدود».
 
السيناريو الأول الذي تتطرق له الباحثة يتمثل في استمرار الوضع البحريني الراهن، وهذا من شأنه أن يتصاعد تدريجياً، وقد تزداد حالات العنف عن المستوى المنخفض حالياً وذلك مع ازدياد «طأفنة» الوضع السياسي، مشيرة إلى أن غياب الإصلاحات والمساءلة سيعني مزيداً من الاستقطاب المستمر بين الفئات المختلفة للمجتمع، وهذا سيحدث المزيد من الثغرات الأمنية على المدى الطويل في بلد مهم من الناحية الاستراتيجية.
 
السيناريو الثاني يتمثل في انزلاق الوضع إلى صراع طائفي يرتبط بأجواء من الحرب الباردة على المستوى الإقليمي، وفي هذه الحال – بحسب الباحثة – فإن القرار لا يعود بحرينياً صرفاً، كما أن هوية البحرين الوطنية قد تتعرض لشروخ عميقة، وهذا سيفسح المجال إلى مزيد من التطرف (من مختلف الأطراف)، وربما يتحول السخط إلى رغبة في الانتقام «على الهوية» بأبعاد إقليمية خارجة عن الإرادة المحلية. وأشارت الباحثة إلى أن استمرار الوضع في السيناريو الأول قد يفسح المجال للسيناريو الثاني.
 
أمّا السيناريو الثالث الذي تتعرض له الباحثة فهو «الخروج من الأزمة عن طريق التفاوض والحوار»، وتطرح وجهة نظر تقول بأن هناك اعتقاداً بأن القضايا السياسية في البحرين مازالت قابلة للحل ضمن إطار «الملكية الدستورية»، ولاسيما أن البحرين واحدة من أقدم الدول التي تأسست على النمط الحديث في المنطقة، ولها تاريخ طويل في التنوع الديني والعرقي والسياسي، وأن هذا السيناريو الثالث يحتاج إلى الإرادة السياسية للاعتراف بأن استمرار الوضع الراهن لا يساعد على تحقيق الاستقرار للبلد أو الأمن على المدى البعيد.
 
التقرير يتحدث في فصله الأخير عن أفكار وخطوط عريضة لتحريك السيناريو الثالث (الحل السياسي عبر التفاوض والحوار) والذي يواجه صعوبات بسبب المواقف المتصلبة التي يتسم بها اللاعبون السياسيون الرئيسيون. الباحثة تقول إن هناك حاجة إلى تحول ملحوظ لإدراك جميع الفئات بأهمية السير نحو المصالح المشتركة، والبناء على أرضية مشتركة، بدلاً من اتخاذ إجراءات من شأنها دفع الجهات الفاعلة نحو التطرف. التقرير يستحق القراءة والتمعُّن، وذلك لأهميته، وأيضاً لتأثير مؤسسة «تشاتام هاوس» على السياسة الخارجية البريطانية.
 
 

صحيفة الوسط البحرينية – 16 يونيو 2012م