المنشور

البحرين وطن يجمعنا


مبادرة جمعية الاجتماعيين «البحرين وطن يجمعنا» لا ينبغي لها أن تحبط، هي واحدة من أهم المبادرات العملية المطروحة لرأب الصدع العميق في المجتمع، يتطلب دعمها والالتفاف حولها وتوسيع إطارها لتشمل كل الجمعيات والشخصيات الوطنية والعامة والتي تعي مخاطر استمرار الاحتقان السياسي والاجتماعي على النسيج الوطني وما يترتب عليه من ضياع المطالب الاصلاحية والمكتسبات الهامة التي تحققت خلال العقد المنصرم. ولعل مثل هذه المبادرات تجيب على أسئلة ملحّة من قبيل ما العمل وقد تعدّينا عاما من أزمة طالت كل مناحي الحياة والنفوس؟ ألم يحن الأوان بعد كي تنهض البلاد من كبوتها المؤلمة وتواصل مسيرة البناء والتطوير؟ هل فقد الجميع القدرة على تجاوز الذات وإدارة الأزمات السياسية والاجتماعية بما يخدم إنجاز المشروع الإصلاحي من دون التفريط بالوحدة الوطنية؟
 
المعضلة كما نراها تكمن في افتقاد الإرادة السياسية في التصدي للأزمة من خلال القراءة الموزونة للواقع الذي يشي بانسداد الأفق أمام أسلوب المواجهة الراهن، فضلا عن الخسائر الجسيمة المترتبة عليها في الأرواح والممتلكات واستمرار المعاناة الإنسانية للكثيرين بسبب الحرائق و الغازات والتعطّل عن العمل و تضرّر مصالح العديد من الكسبَة ورجال الأعمال، عدا الخسائر النفسية والانقسام الطائفي الذي يوظّف لشق الصف الوطني والانقضاض على ما أمكن إنجازه حتى الآن على الصعيد السياسي والتشريعي.
 
ومن نافل القول أن الدولة معنية بدرجة أكبر بعودة الاستقرار وحماية السلم الأهلي وتحقيق العدالة بأبعادها السياسية والاجتماعية، وعليه فإنه من المُلِح أن تتوالى الإجراءات الإصلاحية بعد اقرار التعديلات الدستورية الأخيرة وتتعزز بإجراءات لإعادة بناء الثقة وعلى رأسها تنفيذ ما تبقى من توصيات اللجنة الوطنية وانهاء ملف المفصولين والتعويضات، وايجاد حلول عاجلة فيما يخص الأوضاع المعيشية بغض النظر عن موقف المتشددين في المعارضة أو الموالاة، لأن هذه الإجراءات إذ تلبي مطالب الشعب بكل أطيافه فإنها تصب في مصلحة الدولة وتعزز ثقة المواطنين بها وتخفف من حدة الإحتقان بما يخدم قوى الاعتدال في المجتمع ويعطي دفعا مهمّاً لمبادرات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية لتصحيح الخلل في نسيجنا الوطني والوصول الى توافق حول المفاصل الرئيسية لعملية استمرار وتعميق التجربة الديمقراطية ولتلبية الاحتياجات الأساسية والملحّة للمواطنين.
 
حين تحزم الدولة أمرها في قيادة المجتمع على طريق الوحدة والتنمية والعدالة فإنها تستنهظ الهمم والقوى الكامنة في المجتمع وتقطع الطريق أمام التطرف بألوانه، لأن المجتمع البحريني يزخر بالمخلصين من أبنائه الحريصين على وحدته و تضامنه الذين استشعروا خطر الطائفية و محاولة اللعب بها تحقيقاَ لمآرب ذاتية ومصالح ضيقة، ولحرف الانتباه عن ملفات أساسية منها ملفات الفساد، مع أن الفتنة لن تستثني أحداَ من نيرانها.
 
في هذا الإطار نرى ضرورة دعم مبادرة جمعية الاجتماعيين وكل الجمعيات والشخصيات الوطنية لرأب الصدع وقطع دابر الإنقسام، ليتوحد المجتمع حول الأهداف الوطنية المشتركة وللعودة إلى لغة الحوار المنسجم مع طموحات الوطن ومع توازن القوى والظروف العامة الداخلية والخارجية، ومن منطلق أن الحوار عملية مستمرة تشمل أطياف العمل الوطني والسلطة السياسية للتوافق على القضايا الملحة في اللحظة المحددة، ثم الانتقال إلى القضايا التالية، دون حرق للمراحل أو القفز على الواقع ومن دون الإضرار بالحق الدستوري المشروع في استخدام وسائل التعبير والاحتجاج دعماَ لأية مطالب مشروعة.