المنشور

رولا الصفار… ويوم التمريض العالمي- سوسن دهنيم


تعلمنا أن الممرض ملاك رحمةٍ منذ نعومة أظفارنا، من خلال ما كنا نقرأ في كتب المدرسة وبعض محلات الأطفال، لكن الأزمة التي مرت بها البحرين منذ العام الماضي أثبتت أن الممرض أكبر من ذلك من خلال بعض الصور والمشاهد والمواقف والحكايا التي مررنا بها.
 
في الأحداث الأخيرة، ظهرت على الساحة أسماءٌ لم تكن يوماً مخفيّة، لكنها برقت وأينعت ثماراً لا حدود لها، فيما رأينا وجوهاً لم نكن نعرفها يوماً، واحتلت مناصب رفيعة في قلوبنا وضمائرنا.
 
من الأسماء التي أينعت ثماراً لا حدود لها: رولا الصفار، الممرضة التي تتلمذ على يدها الكثيرون، أكاديمياً وأملاً، وصموداً، وإرادة.
 
كفراشة تنثر ألوانها على كل من حولها، تجيد اصطياد الأمل نوراً لا يحرق جناحيها بل يطيلهما ليغدوا غيمةً تظلل القابعين على قارعة اليأس، فتمطرهم أملاً.
 
أينما حلّت تحل معها الابتسامات التي تتعطر بقوتها وبشاشة وجهها الذي لم يخلُ يوماً من ابتسامة رضا حتى في أحلك الظروف، ومن تواضعها يعبر المارون بالقرب منها مشارف الخوف ليتّحدَ القاصي والداني في سبيل المطالبة بالحق.
 
تؤثّث قلوب من حولها بحبٍ لم يهرم يوماً برغم ما عانته في أزمة عصفت بطواقم طبية كثيرة في البحرين. أزمةٌ أجبرت الجميع على التعايش مع التعب والألم وانتظار نورٍ تأخر في الإشراق، لكنها أنتجت جيلاً قادراً على تحمّل ما لا يحتمله جبلٌ من خلال رموزٍ كانت أمثلةً للتضحية والإخلاص للحق والصمود.
 
صورتها التي انتشرت في يوم الإفراج عنها كانت قشةً كادت أن تقصم ظهر البعير، لولا أن ابتسمت ورفعت راية النصر فتحولت إلى قشة إنقاذٍ لكثيرٍ من الغرقى الذين تعلموا منها معنى الصبر والتمسك بقول الحق ونصرته.
 
صورها في كل مسيرةٍ سلميةٍ وهي محاطة بمحبيها والمتتلمذين على يديها في دروس المحبة والانسانية، تؤكد لمن يراها بأن الحياة مستمرة برغم كل قسوتها، وأن المحبة هي عنوان المرحلة القادمة التي ستحتاج إلى الكثير من التعاضد والتعاون على الخير وتقديس الانسانية وحب الآخرين.
 
رولا الصفار: أميرة التمريض، التي حوكمت ولاتزال موقوفة عن العمل، لكنها غدت رمزا للمرأة البحرينية التي لا تستكين ولا تيأس.
 
رولا الصفار: واحدةٌ من آلاف النساء اللواتي أبين إلا أن يصمدن في وجه كل العثرات ليحولنها إلى محطات انطلاق جديدة تزين الواقع بنماذج لا يمكن للتاريخ أن ينساها. نساءٌ آثرن إلا أن يطالبن بحقوقهن وحقوق من حولهن بشتى الطرق السلمية والمشروعة والمكفولة دستورياً، ليقفن صفاً بصف، ويداً بيد مع أشقائهن الرجال إلى أن يتحقق العدل وتعم السعادة هذا الوطن.
 
ومضة:
في يوم التمريض العالمي لكل ممرض ألف وردة وتحية ولكل طواقم الكادر الطبي البحريني وقفة اجلال واكبار على ما قدموه وعلى معالجتهم لجميع المرضى دون السؤال عن هوياتهم وايديولوجياتهم إبان الأزمة البحرينية منذ سقوط الجريح الأول وحتى اليوم، وهو ما كنا نتوقعه وما أثبتته أقوال الشهود الذين شهدوا بالحق.
 
الكاتب: سوسن دهنيم

صحيفة الوسط البحرينية – 12 مايو 2012م