المنشور

إنكار الواقع هل يلغيه ؟


ما هو مسلم به أنه لا يمكن تجاوز الواقع بمجرد إنكاره والتعامل مع ما هو حاصل كأن لم يكن.

إغفال الواقع ومحاولة فرض أفكار موجودة في عقول البعض على الناس لن ينطلي على أحد، فنحن في دولةٍ صغيرةٍ جداً، الفرد فيها يعرف الجميع، كما أن وسائل الاتصال الحديثة تتيح لأي شابٍ صغير أن يعرف ما يحصل حال وقوعه، فما عادت وسائل الإعلام التقليدية هي المصدر الوحيد للمعلومات.

تجاهل عشرات الآلاف ممن يخرجون في مسيرات سلمية بشكل أسبوعي أو تجمعهم في مكان محدد يومياً، وعلى مدى عدة أيام، من قبل وسائل الإعلام المحلية من إذاعة وتلفزيون وصحافة، لن يلغي وجودهم على أرض الواقع ولن يقلل من تأثيرهم على مجريات الأمور. فلا يمكن إلغاء شريحة واسعة من المجتمع لمجرد أن البعض لا يعجبه أو لا يتفق مع هذه الشريحة، فإن أردنا فعلاً الخروج من المأزق الحالي فإن أول ما يجب فعله هو الاعتراف بالواقع.

خلال الأشهر الماضية خرجت العشرات من المسيرات السلمية المرخصة من وزارة الداخلية، وشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين، ومع ذلك لم تقم أي من الصحف المحلية بنشر أي خبر عنها حتى وإن كان هذا الخبر لا يتعدى أسطراً بسيطة، في حين تناولتها أغلب وكالات الأنباء العالمية.

أول ما يمكن طرحه في هذه المسألة هو هل تمتلك صحافتنا المحلية الصدقية والحرفية ما يمكنها من انتقاد وسائل الإعلام الأخرى واتهامها بالتحيز لطرف دون آخر أو محاولة تزوير الوقائع؟ أم أن الواقع يشير إلى أن صحافتنا لاتزال مجرد وسائل إعلام موجّهة لا تكتب إلا ما هو مسموح به وما يراد لها أن تقوم بنشره.

في أهم توصية للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق فيما يخص الإعلام، تؤكد أهمية إعطاء القوى المعارضة مساحة مقبولة لطرح وجهة نظرها في وسائل الإعلام التابعة للدولة. إن هذه التوصية تشكل محوراً مهماً جداً في روح الإصلاحات المطلوبة، ذلك أن المعارضة تشكل جزءاً مهماً من مكونات المجتمع البحريني، لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤه بمجرد محاولة إغفاله أو إقناع الناس بعدم وجوده أساساً.

ما تطرحه جميع المنظمات العالمية هو أهمية تعزيز مفهوم المواطنة في البحرين، ما يعني الاعتراف بأن جميع المواطنين لهم حقوق متساوية، وأن يكونوا متساوين أمام القانون، فهل أن ذلك ما هو معمول به حالياً في البحرين؟ وهل هناك توجهٌ لتطبيق ذلك في المستقبل القريب على الأقل؟
 

صحيفة الوسط البحرينية – 06 مارس 2012م