المنشور

التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية


أصدرت مؤسسة الفكر العربي تقريرها السنوي «التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية» اذ نجد اهم محاوره تسلط الضوء على طاقة الشباب المتفجرة وحضورهم في الدفاع عن قضايا الحرية والديمقراطية واصرارهم القوي على عدم التنازل عن كافة الحقوق وان قيادتهم للتظاهرات المليونية التي اطاحت بالانظمة العربية الدكتاتورية – مصر وتونس خير مثال على ذلك ، فتح الباب للتغيير مما ساهم هذا التغيير ضمن عوامل داخلية وخارجية في احداث تحولات سياسية لم تكتمل بعد والسبب سيطرة او استحواذ حراس النوايا على المشهد السياسي.
 
من هنا فالاشكالية الاكثر تعقيداً هي كيف تنتصر الديمقراطية في ظل هيمنة الاسلام السياسي على السلطة؟! وهل هذا التيار نصير للحريات والديمقراطية والدولة المدنية ام عائقاً لها؟! قطعاً عائق لها!! والشواهد على ذلك كثيرة .
 
على اية حال التقرير ناقش قضايا مفصلية شملت اهم المؤثرات التي ساهمت في تعميق الوعي السياسي لدى الشباب ومن ابرز هذه القضايا الابداعات الشبابية الادبية والفنية الثقافية التي اصبحت متنفساً ترجم معاناتهم واحلامهم وطموحاتهم وطموحات الوطن والمجتمع.
 
وعن هذا التقرير البالغ الاهمية وعلى صعيد التحليلات والاستتناجات قال د. سليمان العسكري: انه يرصد لمرحلة المخاض التي سبقت الثورات العربية ويركز على حضور الشباب في القضايا الساخنة منذ اواخر 2010 وبامتداد العام المنصرم ونحن نقرأ ونحلل هذا التقرير وكأننا نستعرض مقدمة ما حدث ونفسر ما جرى، بل وعلى الاغلب نتنبأ بما سيأتي خاصة ان الشباب العربي الذي تتراوح اعمارهم ما بين 15 – 33 عاماً يشكلون نسبة 66 في المئة من اجمالي سكان العالم العربي اي ما يعادل ثلثي السكان وفي هذا الصدد قال ايضاً اذا كنا قد ألمحنا مراراً الى اهمية التعليم – مكنوناته ومخرجاته – في احاديث سابقة فإننا ننظر بعين الاعتبار الى القضية الاساسية في ملف مقدمة التقرير ويعرض لخطورة التعليم الجامعي حين نربطها بسوق العمل وكيف تتنامى الاختلالات بين الجانبين وكيف اثرت هذا الاختلالات في المشهد حتى انفجر ما رأيناه، حيث كانت البطالة محركاً اساسيا للاحتجاجات الشبابية.
 
ومن هنا وبشيء من التفصيل يتابع «العسكري» قائلاً: يستعرض التقرير في بداية ملف (التعليم الجامعي وسوق العمل) التنامي المخيف للجامعات الخاصة بمصر – نموذجاً – مقارنة بالمؤسسات التعليمية العليا ففي عقد كامل من 1999 الى 2010 ارتفع عدد الجامعات الخاصة بنسبة 375% مقارنة بارتفاع نظيرتها الحكومية بنسبة 58% فقط، كما ان التعليم الجامعي – خاصاً وحكومياً – لا يتمتع بأي استقلالية مقارنة بجامعات اوروبية وامريكية وآسيوية اي لا يوجد استقلال للجامعات المصرية لا في وضع الهياكل الاكاديمية ولا بمحتويات المقرارات ولا بتعيين الاكاديميين ولا بانفاق من الميزانية لتحقيق اهدافها ولا بتحديد المرتبات، بل ان مكافآت اعضاء هيئة التدريس لا تمثل سوى 39% من جملة المرتبات والاجور بينما تجاوزت اجور ومرتبات الجهاز الاداري والخدمات المعاونة 61%! يضاف لهذا الخلل ما تقدمه الجامعات الخاصة من فرص الالتحاق بها ممن حصلوا على درجات متدنية لا تمكنهم من الالتحاق بكليات القمة مثل الطب والهندسة والاقتصاد والحاسبات والمعلومات… الخ مما يعني اختلالاً موازياً في كفاءة الخريجين الذين سينضمون لا حقاً الي سوق العمل او ربما سوق البطالة.
 
وفضلاً عن ذلك، يشير التقرير الى اختلال كبير حدث في نسب المقيدين في الجامعات الحكومية بين التخصصات النظرية والعملية ففي مقابل 49.1% للعلوم الاجتماعية 20.1% للثقافية والادبية هناك 10.3% فقط للعلوم الهندسية و7.2% للعلوم الطبية ناهيك عن ابناء الاسر الفقيرة الذين غالباً ما تكون فرصتهم الوحيدة الالتحاق بالتعليم الفني. ولهذه الاسباب اصبح تدني جودة التعليم احد اشكال الخلل الرئيس المؤثر في علاقة هذا التعليم بسوق العمل وافرزت البطالة مشكلات عدة واسفرت عن وجهها لتكشف في الوقت نفسه عن الخلل الاقتصادي في سوق العمل. كما يسلط التقرير الضوء على كيف عبّرت الشبكات الاجتماعية عن فكر وتطلعات الشباب ومن هنا يتحدث عن القوة المعلوماتية ومستقبل الثورة وعن الشباب الذيــن اصبحوا ادوات التثوير والتغيير خاصة ان الواقع في الدول العربية التي شهدت الثوارت تعج بالازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
 
الأيام 11 فبراير 2012