المنشور

هل يمكن الخروج من الأزمة؟


حتى وإن بدا الأفق قاتماً والأبواب موصدة ولا مخرج من الأزمة التي تمر بها البحرين لما يقارب العام، فإن العقل يقول إن «دوام الحال من المحال» وإن عجلة التاريخ لابد وأن تسير للأمام، وإن الشعوب والدول المحتضرة تجد طريقها نحو المصالحة والحوار.
 
لقد عانت البحرين خلال العام الماضي ظروفاً يصعب التغلب عليها أو نسيانها، سقط خلالها أكثر من 60 قتيلاً، ومئات الجرحى، وفصل آلاف من المواطنين من أعمالهم، وفصل مئاتٌ من الطلبة من جامعاتهم، وتم فرض حالة السلامة الوطنية.
 
لقد انقسمت البحرين خلال العام الماضي إلى جزئين، وانقسم البحرينيون إلى قسمين، ولا تزال هناك حالة من توجيه الاتهامات المتبادلة، بعضهم يخوّن الآخر، ويتهمه بمحاولة إلغائه حتى كاد أن يصل الأمر إلى مصادمات بين الطرفين. وشهدت الساحة مصادمات وعنفاً، وتعرضت بعض المنازل لهجوم من قبل مجهولين، في عدد من المناطق مثل المحرق ومدينة حمد ودار كليب، كما تعرض عددٌ من المحال التجارية للتكسير والنهب، وهي أمور نقلتها وكالات الأنباء.
 
وبعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، عاد العنف والعنف المضاد، وعلق البعض المشانق في الساحات، وبدأت المناوشات تدخل أزقة القرى، وسقط فيها عدد من الضحايا من أعمار مختلفة. وعادت مظاهر الاحتجاج مرة أخرى إلى الشوارع، وأغلقت ممرات القرى، وتعرضت للغازات المسيلة للدموع.
 
فهل يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه؟ ولعل الكثيرين يتساءلون: أليس هناك من مخرج من الأزمة؟
 
للأسف هناك من يقف حجر عثرة أمام أيِّ تقدم أو إصلاح، كما أن هناك من يحاول تضميد الجراح، وإنعاش ما تبقّى من روح في جسد الوحدة الوطنية.
 
ولعلَّ من الإنصاف القول إن على من يقف حجر عثرة في طريق أيِّ إصلاح سياسي أو توجُّه نحو الحل والمصالحة الوطنية، أن يضع برنامجه وتصوُّره للخروج من الأزمة، وأن لا يكتفي بتسفيه كل من يسعى لإعادة اللحمة الوطنية، ووضع العراقيل أمام أي طرف وطني يسعى للحل. فالوحدة الوطنية هي قدر الشعب البحريني الكريم، سواءً تحققت الآن أو بعد سنين، ولكنها لا تحتاج إلى المزيد من الضحايا، فما قدّمه الشعب البحريني من تضحيات مازلنا نعاني آثارها حتى اليوم، وهي تكفي لعشرات السنين المقبلة. ولذلك ليس من شأن هذا الشعب أن يرضي شهوة بعض من يفكرون بالمزيد من الدماء والانتقام والتشفي.
 
وأخيراً… لابد من التأكيد أن المصالحة الوطنية الحقة لا يمكن أن تأتي إلا من خلال المبادئ الإنسانية العامة في الحق والعدل والمساواة، التي تعتمدها كل شعوب ودول العالم. فإن أراد البعض أن يرجع الوحدة الوطنية إلى ما كانت عليه سابقاً فعليه أن يعترف أولاً بحق شريكه الآخر في حرية الرأي والتعبير. وبذلك يمكن أن نتقدم خطوة للأمام في حل الأزمة الراهنة.
 

صحيفة الوسط البحرينية – 07 فبراير 2012م