المنشور

عودة بسيوني إلى البحرين


رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق محمود شريف بسيوني عاد إلى البحرين مع مطلع هذا الشهر (فبراير/ شباط 2012)… وهذه المرة جاء لإعداد تقرير بشأن تنفيذ السلطات للتوصيات التي أوردها تقرير تقصّي الحقائق الذي صدر في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.
 
وحالياً، فإن كثيراً من المسئولين يوحون لمن يتتبع تصريحاتهم بأنهم نفّذوا كل التوصيات، بل ربما أكثر مما ذكر في التقرير. هذا في الوقت الذي تقول المعارضة والجهات الحقوقية إن الحكومة لم تنفذ التوصيات، وإن الجزء الذي تم تنفيذه كان قاصراً، بل إنه يؤسس لتجاوزات أخرى. ولعلَّ أوضح ما يتم الحديث عنه هو عودة كل المفصولين، والواقع أنه لم يَعُدْ جميع المفصولين، وأن العدد المتبقي ليس صغيراً، وأكثر الذين عادوا تم إذلالهم، وأن تغييرات إدارية اتُّخذت – ومازالت تُتَّخذ – وجميعها تهدف إلى نزع الصلاحيات التنفيذية من فئة من المجتمع، وإبعادهم عن مواقع القرار.
 
الخطورة فيما يجري حالياً هي أن السلطات تخلق مشكلة من نوع آخر، فهي تزرع بذور مشكلات ستتحول إلى مصائب في وقت غير بعيد، وذلك لأن المواطن لم يعد مواطناً، وإنما يجب تصنيفه بحسب انتمائه المذهبي، والموضوع الآن أصبح على المكشوف ومن دون لفّ أو دوران. فتجريد مدير بلدية المنطقة الشمالية عبدالكريم حسن من صلاحياته، مثلاً، ليست حالة منفردة، وإنما هي أنموذج لظاهرة ليست إنسانية. والمصيبة أن هذه الوزارة أو تلك قد تقول لبسيوني إنها أرجعت مفصولين، ولكنها لا تقول له إنها جرَّدت من أرادت تجريده (من الذين عادوا أو حتى الذين لم يُفصلوا العام الماضي) من كل الصلاحيات من دون أيِّ سبب مقبول قانونياً، أو أخلاقياً.
 
بسيوني ربما عاش ويعيش التحدي والاختبار الأكبر والأكثر تعقيداً طوال سيرته المهنية والأكاديمية على الإطلاق، فهو تورّط في كتابة تقرير كان الأكثر خطورة على مهنته؛ لأن جميع أعين العالم انصبّت عليه… وهو الآن يعود ليفحص بنفسه ماذا تم تنفيذه. ولكننا نعرف أن بسيوني ليست بيده «عصاة موسى»، وهو ليس مدعوماً بمعجزة إلهية، كما أنه ليس مدعوماً بأساطيل وجيوش لتنفيذ توصياته. إنه بشر وله حدوده، ولدينا في البحرين من هو أكثر قدرة منه بمئات المرات على كيفية التخلص والتملص من أية التزامات.
 
إنني من الذين يقفون مع إرادة الإصلاح، ونودُّ أن تعود بلادنا إلى وضعها الطبيعي، ونأمل أن توفر لنا فرصة تواجد شخص يثق به جلالة الملك في تحريك المياه الراكدة من خلال تثبيت الحقائق، والتقدم إلى الأمام
 

صحيفة الوسط البحرينية – 04 فبراير 2012م