المنشور

روايتان حول عريضة امتيازات النواب


هناك روايتان متناقضتان عما أشيع من رفع عددٍ من النواب عريضة تطالب بامتيازات إضافية لهم، وفي حالة صحة أي من هاتين الروايتين؛ فإن أقل ما يمكن أن يقال إن المجلس النيابي المفترض فيه الدفاع عن حقوق المواطنين ومراقبة السلطة التنفيذية وسن التشريعات… قد فقد بوصلته وأصبح لا يمثل الناس بقدر ما يمثل أعضاءه.
 
الرواية الأولى تشير إلى أن عدداً من النواب قاموا بتوقيع عريضةٍ تطالب بامتيازات إضافية، علاوةً على ما يحصلون عليه من مخصصات تصل إلى 4750 ديناراً شهريّاً، وأن هذه الامتيازات تتضمن «تخصيص مكتب خاص لكل نائب و5 موظفين وموازنة خاصة للضيافة لمكتب كل منهم، إلى جانب منحهم جوازات سفر دبلوماسية أسوةً بممثلي السلطتين التنفيذية والقضائية، ومساواتهم في المخصصات والمكافآت والعلاوات، فضلاً عن تخصيص علاوة هاتف»، كما أشار خبر نشر في إحدى الصحف المحلية أمس.
 
وفي حين نفت الأمانة العامة لمجلس النواب تسلمها أية عريضة بهذا الخصوص، إلا أن عدداً من النواب أكّدوا وجودها، وأنه عرض عليهم التوقيع على هذه العريضة إلا أنهم رفضوا ذلك!
 
الرواية الثانية في هذا الخصوص تؤكد أنه لا وجود لهذه العريضة أساساً، وأن هناك من قام بتزوير هذه المطالب وإرفاقها بتوقيع 17 نائباً كانوا قد وقّعوا عريضةً سابقةً تخص الاعتراض على القرار الذي اتخذه رئيس المجلس بإسقاط العقوبة التي اتخذها المجلس بحق النائب أسامة مهنا بإيقافه عن حضور 20 جلسة نيابية، بدليل أن الأسماء الموجودة في العريضتين هي نفسها وبالترتيب نفسه.
 
وتربط هذه الرواية تزوير العريضة بما يدور في المجلس من صراع من أجل السيطرة على الأمانة العامة للمجلس، وخصوصاً بعد إيقاف أو توقف الأمين العام للمجلس عن العمل ومحاولة البعض فرض ممارسات وأعراف جديدة بعيداً عن اللائحة الداخلية التي تحدّد مهام وواجبات الأعضاء بمن فيهم مكتب المجلس.
 
من الناحية المهنية؛ فإني أشك كثيراً فيما جاء في الرواية الأولى، فلو كان ما يطرح من خلال هذه الرواية صحيحاً لتم نشر أسماء الأعضاء الموقعين على هذه العريضة كخطوة أولى، وكخطوة ثانية فإن المطالب أو الامتيازات المطالب بها لم تنشر إلا بعد ثلاثة أيام من نشر الخبر الأول بشأن هذه العريضة والذي جاء مبهماً. كما أن تنصل الجميع من هذه العريضة وما جاء فيها من تناقضات كالمطالبة بالجوازات الدبلوماسية على رغم أن القانون يعطي النواب الحق في الجوازات الخاصة يثير الاستغراب.
 
من خلال هاتين الروايتين يمكن استنتاج عددٍ من الملاحظات المهمة، أولها أن غياب الأطراف المعارضة عن المجلس لم يوجد حالةً من الانسجام بين الأعضاء والكتل البرلمانية كما كان متوقعاً، وإنما العكس. فقد أوجد هذا الغياب حالةً من الصراع حتى وإن بدا الآن خفيّاً للحصول على أكبر قدر من المكاسب لكل كتلةٍ من الكتل.
 
الأمر الآخر هو أن هذه الصراعات أبعدت المجلس عن دوره المفترض ليصبح المجلس صورةً باهتةً عمّا كان عليه في الدورات السابقة، حتى وإن قام بعض النواب بخلق معارك وهمية مع عدد من الوزراء لأهداف انتخابية بحتة! فيما يصرّ نوابٌ آخرون على إكمال المسلسل الطائفي في استهداف وزراء من الطائفة الأخرى
 

صحيفة الوسط البحرينية –  الجمعة 30 ديسمبر 2011م