المنشور

يجب استكمال ملف المفصولين


ابتدأ ملف المفصولين من أعمالهم بالتحرك بعودة الموظفين المدرجين في قوائم الخدمة المدنية إلى أعمالهم منذ يومين، وهو أمر يتجاوب مع توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ومع جهود لجنة متابعة تنفيذ هذه التوصيات، ولكن يظل أن المطلوب في هذا الملف أكثر بكثير مما تحقق حتى الآن على أهميته.
 
ومن ذلك أن أمورا إدارية ووظيفية ترتبت في مواقع العمل خلال الشهور التي فصل فيها هؤلاء عن أعمالهم، وإن من حق العائدين أن يعودوا إلى الأعمال التي كانوا على رأسها لحظة فصلهم، طالما أن القاعدة القانونية التي بني عليها قرار فصلهم ليست صحيحة وفق تقرير لجنة بسيوني التي خَطأَتْ إجراء فصل أي موظف أو عامل لمجرد ممارسة حقه في التعبير عن رأيه، مع ما يترتب على ذلك من عدم جواز حرمانهم من الترقيات والعلاوات، بما في ذلك تعويضهم عن فترة فصلهم.
 
نقطة أخرى مُهمة في هذا الملف سبق أن خصصنا لها مقالاً هذه الزاوية منذ فترة قريبة تتصل بالمفصولين من الوزارات والهيئات الحكومية من ذوي العقود المؤقتة، ويبدو أن عددهم لا يقل كثيراً عن عدد المفصولين من ذوي العقود الدائمة، ويتوزع هؤلاء على العديد من الوزارات كالصحة والتربية والتعليم والبلديات وهيئة شؤون الإعلام وغيرها.
 
إن الردود الحكومية لتبرير عدم إعادة هؤلاء ليست مقنعة، كالقول بأنهم فصلوا بناء على بنود في العقود المبرمة بينهم وبين الوزارة أو الهيئة التي يعملون فيها، وأن فصلهم لا يأتي على خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد، فهذا الفصل الجماعي في وقت واحد لا يمكن النظر إليه بهذه الصورة، وأعرف أن بعض هؤلاء تلقوا في رسائل فصلهم ما يفيد بأن الفصل جاء على خلفية مشاركتهم في أحداث فبراير/ مارس.
 
إن اعتماد قاعدة أن من فصلوا بناء على قرارات لجان التحقيق ومجالس التأديب هم وحدهم المشمولون بالقرار الملزم بإعادتهم غير صائب لا من الوجهة القانونية ولا الإنسانية، بل أن في وجه فصل هؤلاء من التعسف ما يفوق فصل زملائهم الآخرين، لأنهم لم يمنحوا حتى فرصة الدفاع عن أنفسهم أمام لجان التحقيق ومجالس التأديب.
 
لذا لا يجوز السكوت عن وضع هؤلاء ومن الضروري أن يجري الإصغاء للمطالبات المتكررة في المجتمع وفي وسائل الإعلام وداخل جلسات لجنة متابعة تنفيذ التوصيات بالإعادة الفورية لهؤلاء لأعمالهم ووظائفهم أسوة بمن عاد.
 
وإلى هؤلاء هناك وضع المفصولين من القطاع الخاص، خاصةًً من الشركات الكبرى المملوكة للحكومة، والإنصاف يقتضي القول أن بعض هذه الشركات بدأت في إعادة عشرات من هؤلاء إلى أعمالهم، ولكن أعداد ممن لم تجر إعادتهم لا يزال كبيراً، وسط أنباء عن تفاوت التعاون في هذا الملف بين إدارة شركة وأخرى، ففي حين تبدي بعض الإدارات تجاوباً ملحوظاً، ما زالت إدارات أخرى تماطل في الموضوع.
 
كما سبق أن قلنا أن هذا الملف الشائك هو ملف إنساني واحد يتصل بأرزاق الناس وأمنها المعيشي وكرامتها، وليس من المقبول أن تجري تجزئته، فمثل ما كان الفصل جماعياً، يجب أن تكون عودة الناس إلى أعمالها جماعية.