المنشور

علي صالح الصالح


تضع استقالة رئيس اللجنة الوطنية المعنية بتوصيات لجنة تقصي الحقائق رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح تحدياً كبيراً ليس أمام اللجنة ذاتها فحسب، وانما أمام فكرة المصالحة الوطنية التي تشكلت اللجنة بأمر من جلالة عاهل البلاد للعمل في سبيلها من خلال تنفيذ التوصيات التي تضمنها تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار محمود بسيوني، والتي اختير الصالح لرئاستها لما يتمتع به من صدقية ووسطية واتزان ونزاهة معروفة عنه منذ كان عضواً في المجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور في تاريخ وطننا، ومن ثم عضواً في أول مجلس وطني في السبعينات، وتدرجه في مواقع حكومية وتشريعية على مدار عقود.
 
وهي صفات يحتاجها الوطن في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه، لكي يتغلب على الجو المشحون والمحتقن في البلد، وكانت آمال كبيرة معقودة على أن تعمل لجنة المتابعة برئاسة علي الصالح، وبما تضمه من شخصيات حريصة على مصلحة البلد ومستقبلها على المساهمة في الجهود الرامية لتحقيق ذلك.
 
وهذا ما أكد عليه جلالة الملك عند لقائه برئيس وأعضاء اللجنة بعيد تشكلها، حيث عبّر عن الحرص على أن تنجح مهمة اللجنة، وعلى تقديم كافة أوجه الدعم من أجل ذلك، بما في ذلك الاستعانة بالمستشار بسيوني وأعضاء لجنته حين يستدعي الأمر استيضاح أي مسألة من المسائل التي تناولها التقرير.
 
وقد أظهر الأستاذ علي الصالح في رئاسته للجنة وإدارة أعمالها خلال الأسابيع التي انقضت منذ أن تشكلت، الحرص الشديد على التقيد بروح ونص التوصيات، وبذل من الجهود الشيء الكثير في تفعيل هذه التوصيات وفي مقدمتها تلك التوصية المتعلقة بإعادة المفصولين كونها تتصل بمصير آلاف الناس التي قطعت أرزاقها، حيث وضع على عاتقه مهمة متابعة هذا الملف مع الجهات الحكومية المعنية ومع الشركات أصحاب الأعمال، وبدأت جهوده تعطي أولى ثمارها، وكان الرجل واضحاً في جهة تأكيده على أن تنفيذ هذه الخطوة وسواها من الخطوات ذات الصلة بالجانب الإنساني مقدمة لا بديل عنها لكي تمضي البحرين في طريق المصالحة الوطنية والإصلاح السياسي والدستوري والتشريعي.
 
ولكن هذه الجهود الخيرة من جانب رئيس اللجنة ومن غالبية أعضائها جُوبهت بهجوم إعلامي ترددت أصداؤه داخل جلساتها، وليس من شأن هذا الهجوم إلا أن يعيق اللجنة عن أداء هدافها، ويشكل عامل ضغط عليها، في الوقت الذي يحتاج فيه الوطن إلى أي جهد خيَّر للمساعدة في لأم الجراح، وليس إعادة نكئها بين الحين والآخر لنظل في مناخ الأزمة الذي يعيد انتاجها على أكثر من مستوى، بطريق يستحيل معها، لا قدر الله، أن تتم السيطرة على الوضع.
 
كل المخلصين في هذا الوطن على ثقة من أن جلالة الملك سيبذل من الجهود ما يجري التطلع اليه في سبيل أن يعود علي الصالح إلى رئاستها، الذي يراه الكثير من أعضائها، وأنا واحد منهم، ضمانة من ضمانات أن تذهب اللجنة في تنفيذ ما هو مناط بها من مهام والمساعدة على أن يخطو الوطن خطوات في الطريق الصحيح عبر التمسك بجوهر وروح توصيات لجنة تقصي الحقائق.