المنشور

عن المفصولين أيضاً


التعميم الملزم الذي أصدره نائب رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الخدمة المدنية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة لجميع الجهات الحكومية الخاضعة لقانون الخدمة المدنية بإعادة جميع الموظفين الذين تم فصلهم على خلفية الأحداث الأخيرة وذلك اعتباراً من الأول من يناير القادم، خطوة في الاتجاه الصحيح طال انتظارها لأنها تصحح خطأ وقعَ، وتزيل ظلماً لحق بمواطنين عبروا عن آرائهم في نطاق الحقوق الشرعية المضمونة بالتشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية.
 
والمؤمل أن يجري تنفيذ هذا التعميم الملزم بحذافيره، في الوقت المحدد وبطريقة تضمن عودة جميع المفصولين إلى الوظائف التي كانوا على رأسها لحظة فصلهم، وبذات الامتيازات التي كانت لهم، وأن يترافق ذلك مع إعادة رواتبهم عن الفترة التي فصلوا فيها من أعمالهم، لكي لا نكون بعد حين بصدد ملفٍ آخر يتصل بهذه الجزئية تحديداً، فإلغاء قرارات الفصل، يعني التسليم ببطلان القاعدة القانونية التي أتخذت على أساسها، على نحو ما ذهب إليه تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، وبالتالي يجب معالجة الضرر الذي لحق بالمفصولين وعائلاتهم على مدى شهور.
 
لكن هذا التعميم الملزم طرح على بساط النقاش مسألة أخرى محورها التناقض حول أرقام المفصولين، ففيما يتحدث التعميم الحكومي عن إعادة 180 موظفاً في القطاع الحكومي، بعودتهم يكون هذا الملف قد أغلق في الحكومة، فان الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين يؤكد بأن عدد المفصولين من القطاع العام الذين وثقوا بياناتهم بسجلات الاتحاد يبلغ 377 مفصولاً.
 
وهذه مسألة على قدر كبير من الأهمية تتطلب من ديوان الخدمة المدنية الشفافية الكاملة بإصدار بيان واضح للرأي العام عن عدد الموظفين المفصولين من أعمالهم في الحكومة يشمل أسمائهم وأسماء الوزارات والأجهزة الحكومية التي فصلوا منها، لكي يتم التحقق من الوقائع عبر مطابقة بيانات ديوان الخدمة المدنية بتلك المسجلة لدى اتحاد النقابات.
 
 وبغياب هذا الإعلان الواضح الذي جرت المطالبة به في اجتماعات لجنة متابعة تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، فان أسئلة كبيرة ستظل مثارة لدى الرأي العام، خاصة وأننا في بلد صغير لا يمكن للحقائق أن تُخفى فيه، وليس سوى الشفافية في المعلومات وسيلة لقطع الشكوك وبيان الحقيقة، حتى يغلق ملف المفصولين من القطاع الحكومي بصورة ناجزة وعادلة.
 
على أن عدد المفصولين في القطاع الحكومي مهما كبر يظل أقل بكثير من عدد المفصولين من القطاع الخاص وخاصة من الشركات الكبرى المملوكة للحكومة، التي لم يقم بعضها بإعادة حتى واحد من المفصولين كما هو الحال في شركتي أسري وباس، وهنا أيضاً يوجد تناقض في الأرقام، ففي الوقت الذي تتحدث فيه مصادر حكومية عن أن من تبقى من المفصولين يُقدر بالمئات، باعتبار أن بعض الشركات أعادت عدداً منهم، فان معطيات الاتحاد العام للنقابات تتحدث عن 1651 مفصولاً وفقاً لسجلات الاتحاد.
 
وتتوفر معطيات عن حلحلة قريبة متوقعة لملف هؤلاء المفصولين أيضاً، لكن أي تباطؤ في تنفيذ هذه التوصية الواضحة للجنة بسيوني لن يحمل في طياته وتبعاته إلا مفاعيل سلبية، وسيصيب من مصداقية توجيهات الجهات الحكومية في حل هذا الموضوع.