المنشور

المفصولون من أعمالهم


تنص التوصية رقم 1723 من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المتعلقة بإنهاء خدمات الموظفين في القطاعين العام والخاص وفصل الطلاب وإنهاء بعثاتهم الدراسية على اتخاذ ما يلزم نحو ضمان ألا يكون بين الموظفين المفصولين حالياً من صدر قرار فصله بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير وحق إبداء الرأي والتجمع وتكوين جمعيات، وأن تستخدم الحكومة كل صلاحياتها لضمان عدم معاملة الشركات الخاصة وأصحاب العمل الآخرين الذين قاموا بفصل موظفين لعدم حضورهم للعمل في وقت المظاهرات بطريقة أقل، وإعادة كل الطلاب المفصولين الذين لم يتم اتهامهم جنائيا بارتكاب عمل من أعمال العنف إلى وضعهم السابق، مع ضرورة إيجاد آلية تسمح للطلاب الذين فصلوا أن يتقدموا بطلب لإعادتهم إلى الجامعة بعد انقضاء فترة معقولة مع اعتماد معايير واضحة وعادلة للإجراءات التأديبية ضد الطلاب، وضمان أن تطبق هذه المعايير بطريقة منصفة ومحايدة.
 
وقد خولت لجنة متابعة توصيات تقرير بسيوني رئيسها الأستاذ علي صالح الصالح بأن يتولى متابعة التنفيذ العاجل لهذه التوصية مع الجهات الحكومية المعنية، الذي بادر، بدوره، إلى عقد لقاءات مع بعض هذه الجهات، حيث تم التوافق على تولي اللجنة التنسيق المباشر مع الجهات المعنية في الدولة، وعلى وجه الخصوص وزارة العمل، وديوان الخدمة المدنية، من أجل إيجاد حلول عاجلة وعادلة لقضايا المفصولين في القطاعين العام والخاص.
 
وتختلف الرواية الحكومية حول عدد الموظفين والعمال الذين لم يُعادوا إلى أعمالهم عن تلك الأرقام التي يقدمها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بناء على القوائم المتوفرة لديه، وهذا يتطلب من الدولة ومن الشركات الكبرى المملوكة للحكومة في المقام الأول أن تكون شفافة بإعلان قوائم تفصيلية لمن لم تجر إعادتهم لوظائفهم، فتلك مقدمة ضرورية لتسوية هذا الملف الإنساني الشائك.
 
وليس صحيحاً القول أن من تبقى من مفصولين هم فقط العاملون في تلك الشركات الكبرى، فهناك أعداد كبيرة من المفصولين حتى هذه اللحظة في العديد من وزارات الدولة ومرافقها، ومن بينها وزارات البلديات والتربية والتعليم والصحة وغيرها من الوزارات، بل حتى من الجهاز الإداري والفني لمجلس النواب، وهو أمر طرحه عدد من النواب أنفسهم، بمن فيهم أعضاء في مكتب المجلس.
كما أن هناك جانباً مهماً من الموضوع لا يصح أن نغفل عنه يتمثل في أن عدداً ممن أعيدوا للعمل لم يعودوا إلى وظائفهم السابقة، التي جرى إحلال آخرين فيها، وإنما إلى وظائف أقل وفي مواقع أخرى غير تلك التي كانوا فيها، كما حرموا من الدرجات والترقيات، وحُمل الكثيرون على توقيع تعهدات مُهينة، أو تحويل عقوباتهم من الفصل إلى الإنذار النهائي.
 
إزاء هذا الموضوع نحن بصدد ملف إنساني على درجة كبيرة من الأهمية والحساسية لأنه يتصل بأرزاق الآلاف من الناس الذين قُطعت أرزاق معوليهم، واستمرار هذا الملف مفتوحاً بدون حل يعني تراكم المزيد من المرارات والغضب في النفوس، بالطريقة التي تجعل من المصالحة الوطنية أمراً متعذراً، فمثل هذه المصالحة لا يمكن بلوغ أولى درجاتها إلا بحل مشرف وعاجل لأمر يُعيد الحق إلى نصابه، وفق المنهاج الذي رسمه تقرير بسيوني.