المنشور

المصالحة الوطنية وصانعو السلام


على رغم مخاطر الانشقاق الطائفي الحاصل حالياً وما يمكن أن يفرزه من تداعيات لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن أحداً لم يتحرك حتى الآن لرأب الصدع ومحاولة إعادة اللحمة الوطنية، حتى أننا لم نسمع أصواتاً تنادي بذلك، سواء كانت هذه الأصوات تمثل جهات رسمية أو أهلية أو جمعيات سياسية.
 
بالتأكيد يوجد في البحرين الكثيرون ممن يحملون هذا الهم الوطني، ولكن ربما هم بحاجةٍ للمزيد من الوقت حتى تهدأ النفوس أو تتهيأ الظروف لطرح مبادرة يمكن تقبلها من مختلف الأطراف. فالبحرين بصغر مساحتها لا يمكن لها أن تتحمل مثل هذا الشقاق، فالناس باختلاف مذاهبهم وتوجهاتهم يعملون مع بعضهم بعضاً في مختلف المؤسسات والشركات، ويتجاورون في السكن في المناطق المختلطة، ويذهب أبناؤهم لمدارس واحدة… كما أن هناك العديد من الزيجات المختلطة.
 
في بيانها الذي صدر مؤخراً، حذرت منظمة حقوق الإنسان بلا حدود الدولية من خطورة مثل هذا الوضع على مستقبل البحرين ودعت الحكومة البحرينية لتشجيع المصالحة الوطنية.
المنظمة التي زارت البحرين رفعت تقريراً إلى الاتحاد الأوروبي ضمنته عدداً من التوصيات من أهمها «حاجة البحرين إلى عقد اجتماعي جديد، وإلى مصالحة مستقرة وطويلة الأجل، وذلك بما يصب في مصلحة المواطنين البحرينيين والاستقرار في المنطقة».
وحملت المنظمة الحكومة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية مسئولية العمل في هذا الاتجاه، وشدّدت على ضرورة أن تقوم الحكومة البحرينية بسلسلة من تدابير بناء الثقة لاستعادة الحوار الاجتماعي وإعادة بناء المجتمع البحريني. معولةً على من وصفتهم بـ «صانعي السلام» والشخصيات الدينية الموثوق بها في المجتمع البحريني لإعادة بناء الجسور بين مكونات المجتمع البحريني.
وحثت المجتمع المدني والجمعيات السياسية على التعبير عن مطالباتهم عبر الاحتجاج السلمي، ومن دون ممارسة أي نوع من أعمال العنف ضد الأشخاص والممتلكات، وطالبت الحكومة بالتقيد بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحماية المشاركين في الاحتجاجات وفي عمليات الاعتقال والاحتجاز والمحاكمات والفصل من العمل.
المنظمة دعت أيضاً إلى ضرورة إيجاد قناة للحوار المفتوح بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية، وتشجيعهم على المشاركة الجدية في حوار سياسي هادف وبناء من أجل البحرين تلبية للاحتياجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي حين ترى المنظمة أن التعويل على مصالحة وطنية يتطلب مجموعة من «صانعي السلام» يقفون على مسافة واحدة من جميع مكونات المجتمع البحريني ويضعون مصلحة البحرين فوق جميع الاعتبارات، فإننا نترقب أن تعلن هذه المجموعة عن نفسها خلال الأيام القليلة المقبلة.
 
ربما ينتظر صانعو السلام في البحرين صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ليضع الأرضية المناسبة لتحركاتهم وخصوصاً أن التقرير سيخرج بتوصيات ملزمة للجميع. نأمل ذلك
 
صحيفة الوسط البحرينية – 16 نوفمبر 2011م