­

المنشور

تصليحُ قوس اجتماعي مكسور


مع تنامي العملية الانتخابية واكتمالها فإننا نشهدُ ظاهراتٍ عدة متضادة ومنوعة؛ فثمة مناطقٌ تزدهر ومناطقٌ منغلقة تعاند. وثمة فئاتٌ من القوى السياسيةِ الصغيرةِ اجتماعيا وهناك صعودٌ للوجوه الرأسمالية الكبيرة، أولئك ذوو خطاباتٍ صارخة مثلوا مراوحة تاريخية، وهؤلاء بعد لم يعثروا على مواقع أقدامهم الاجتماعية ويشكلوا عمالهم المتطورين المواطنين ذوي الظروف الحسنة.
الرأسمالية الحكومية الشمولية كنموذج تاريخي في حالاتِ إفلاس متعددة، وأصواتُها السياسية المحلية التي لم تقرأ السيرورةَ التاريخية، وتطرحْ نموذجَها المسدودَ في الريف الباحث عن أي تنمية ولو يسيرة، وتُضيعُ أرضَ الفرص والتحولات التاريخية.
قدرةُ الأصواتِ الجديدة والوجوه المختلفة الصاعدة للعمل البرلماني هي في مدى مدِ أيديها إلى العمال الوطنيين وإلى العاطلين وتكوين مشروعات سياسية واقتصادية تحولية.
وفيما مناطق تحطمُ بعضَ الأدوات المعدة للخدمات ثمة مناطق أخرى تمتلئ بأناس يحتشدون في مطاعم راقية.
ثمة مناطق تختنق وثمة مناطق تنفتح فلماذا؟
هناك أفقٌ سياسي جديد بحاجة إلى الانتشار وتكوين مؤسسات واسعة مؤثرة في الجمهور، وهناك أفق مختنق وصل إلى طريق مسدود وليست لديه شجاعة الاعتراف بهذا الطريق المسدود، أو لا يملك تلك الخطوط ليحلل ويعترف ويراجع.
هذا الطريق المسدود بدأ منذ اعتبار القوقعة الطائفية مشروعا سياسيا، ثم تحويله إلى حلقاتٍ ذات أنصال مرهفة تتغلغلُ في اللحم الشعبي المتعدد الآلام، وترفضُ التراكمَ ونشر أشكال البناء المتعددة الصبور، فضاع أكثر من ربع قرن على حرب العصابات الاجتماعية.
هل لدى الفئات الاقتصادية الكبيرة قدرة على فهم لحظة التجاوز الراهنة؟ أو تثبت أن المراهنة عليها يمكن أن تصنع مرحلة جديدة، مرحلة بناء حقيقية؟
هل لديها قدرة على صناعات شعبية وعمالة وطنية كثيفة وتغيير طابع الفندقة الغريبة وتحويلها لفندقة بحرينية؟ هل ستقاربُ الجزرَ الاقتصادية من الشباب الواعد البحريني المتعطش للفرص؟
العمليتان السياسية والاقتصادية متشابكتانِ، فاللغة السياسية البنائية في مجال الوعود الانتخابية محدودة وغير ذات تجذر في فهم الواقع، فهي ذات كلمات عامة مثل التركيز في الوحدة الوطنية كشعاراتٍ مجردة، لكن كيف تتحول هذه الشعارات إلى مشروعات؟ لماذا لا يتثقف أربابُ العمل عبر الثقافات الحديثة ويطالعون تفجر قدرات النمور في مختلف قارات التنمية؟
فكما أن جيلاً شحب وتجمد سياسيا لا نريد للجيل الجديد أن يتاجر في الكلمات والشعارات.
كيف سيتم توجيه الفوائض لمشروعات الإسكان الكبيرة التاريخية التي تغدو عمليات مفصلية وتغير جزءًا من حياة السكان؟
كيف تتم مناقشات وتقديم مشروعات لاستعادة الشباب للعمل والتصنيع وإنشاء المصانع الصغيرة ومعامل الثروة العلمية الخاصة بهم ونشر القنوات الحرة والمجال المفتوح في البحث عن النفط؟ كيف يمكن جعل مقاومة التلوث وارتفاع الأسعار والايجارات عمليات شعبية؟
كيف يمكن أن تتحول الجلسات البرلمانية إلى بحث عن تغيير وحلول للمشكلات والتأزيمات؟
يمكن للرأسمالية الكبيرة أن تكون ثورية ولكن بشكل عملي مربح، وبأشكال جديدة ومبتكرة، وليست التجربة التركية بعيدة عن تطورنا.
في المجال السياسي لابد من وعي إمكانيات التحول المفتوحة لدول مجلس التعاون، وأن هناك ثروات مطمورة بحاجة إلى قيادات ومغامرات الشباب، فثمة آفاق هائلة أكبر بكثير والكثيرون من الأجانب يستفيدون فيما آخرون غير قادرين على تكوين الثورة في الاقتصاد والتنمية والتشغيل فثمة كنوز ترقد عليها دول الخليج العربية.
لابد من إعلام مختلف، إعلام يخرج الشباب من الكهوف قبل أن يجدوا أنفسهم يفقدون ليس الكراسي السياسية بل أيضاً الوظائف والأعمال والثروات التي تجتاحها حشودٌ من القوى الأجنبية.
إن إزالة القوس المكسور يتم من خلال طبقة بناءة تعبر من هوة الايديولوجيا والصراخ السياسي إلى مؤسسات الاقتصاد الوطني التي لا تخاف التضحية وتكسب المستقبل.
 
أخبار الخليج  29 سبتمبر 2011