المنشور

مكارثّية بنكهة بحرينية


مكارثّية أميركا في 1950 هي مكارثية البحرين في 2001، مهندسها جوزيف مكارثّي، وهو سناتور جمهوري زعم هذا المكارثّي، إن 205 من موظفي وزارة الخارجية من المتعاطفين، أو من الذين تربطهم علاقة بالمنظمات الشيوعية، وإن 57 منهم أعضاء في الحزب الشيوعي الأميركي، وبذلك مارست واشنطن بلجان تحقيقها، اتهامات ضد مواطنيها بالتعاطف مع الشيوعية، دون إثباتات كافية تدعم هذه الإدعاءات نكاية بالحزب الديمقراطي في محاولة لإضعافه وترهيب مثقفيه وكوادره المتقدمة، عندها قامت الدنيا ولم تقعد فضعفت الثقة بحملته المجنونة.
لتأمل الأرقام المستهدفة لأعضاء بارزين في الحزب الديمقراطي الأميركي لحملة مكارثّي ومقارنتها بعدد سكان أميركا آنذاك: (205 أشخاص من أصل أكثر من 200 مليون نسمة)، بالطبع ولا شيء، غير إنها (الحملة المكارثّية) صارت مصطلحاً:(McCarthyism) يستخدم ويردد إلى اليوم ضد الممارسات التي تقوم على اتهام الناس دون دليل، أو تقوم جهة بترهيب الأشخاص في معتقداتهم وانتماءاتهم الفكرية والثقافية.
هذا من جهة أميركا، أما النكهة البحرينية لهذا المصطلح الذي راج استخدامه وممارسته عملياً وبأعتى صوره القبيحة، جعل “الغراب يطير من أعلى الرأس” ـ يشيب.أيها الناس، عِدوا بالأرقام، فالأرقام كما يقال أبلغ من الكلام!!:

1-  عدد الموظفين والجامعيين والأكاديميين والعاملين في القطاع الخاص والعام المفصولين عن العمل وصل إلى أكثر من 4000 خلال ثلاثة أشهر فقط (بين مارس/آذار ويونيو /حزيران) والقائمة تطول.
 
2-  اعتقال 114 طبيباً وممرضاً ومسعفاً وفصل وتوقيف نحو 500 بين أطباء وموظفين في وزارة الصحة.
 
3-  فصل واعتقال وتوقيف مئات المعلمين ..والحبل على الجرار.
 
4-  مددت وزارة شؤون البلديات توقيف نحو 30 موظفاً على الأقل عن العمل لثلاثة شهور أخرى من أصل 550 فصل منهم نحو 100 حتى الآن، وذلك على خلفية عدم انتهاء “اللجان التأديبية” المُشكّلة لدى ديوان الخدمة المدنية من أعمال التحقيق مع الموظفين.
 
5-   فصل نحو 3000 من كبرى الشركات التي تملكها حكومة البحرين حيث شهدت حركة التسريح من العمل، بينها شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) التي فصلت وحدها نحو 390 عاملا، تليها شركة نفط البحرين التي سرحت ‍289 عاملا، ثم شركة اتصالات البحرين (بتلكو) التي سرحت 163 عاملا، كما فصلت شركة طيران الخليج 160، وميناء خليفة 142، وذلك خلال شهري مارس/ آذار وبداية أبريل/ نيسان الماضيين فقط.  
 
6-  توقيف وفصل واعتقال أكثر من 150 رياضياً في جميع الألعاب الرياضية ومؤسساتها.
 
7-  لا توجد إحصائية دقيقة لعدد المفصولين والموقوفين العسكريين من الطائفتين، سواء الذين شاركوا في الدوار، أو رفضوا الأوامر بإطلاق النار على أهاليهم، لكنهم على الغالب إن لم يكونوا عشرات بل مئات لما يتردد منے أسماء تطرح بين الحين والحين، عبر المحاكمات العسكرية وتنفيذ الأحكام ضدهم، أو الإفراج عنهم بضمان إقامتهم.
 
8-  أخيراً وليس آخراً، تحدثت الصحف المحلية والإذاعة والتلفزيون، إن أعلى رأس في السلطة أمر بعودة المفصولين إلى أعمالهم، والطلبة على جامعاتهم، والتلاميذ إلى مدارسهم والأطباء إلى مرضاهم ومستشفياتهم والمهندسين إلى مواقع الإنشاءات لإعمار البلاد من الخراب، غير أن الأمور تبدو كما كانت. لم يستجب للجنة التي شكلها رئيس الوزراء التي “أوصت بإرجاع 571 من المفصولين بعد إثبات أنهم فصلوا فصلا تعسفيا، الكثير من المسؤولين لم يستجيبوا لهذه التوصيات، وهم متهمون في الوقت نفسه بالوقوف وراء تفاقم عمليات التسريح عبر لجان التحقيق لأهداف فئوية”. كما جاء في بيان الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في 21 يونيو/حزيران 2011، حيث بررت الشركات فصلها للعمال بـ”مخالفتهم للأنظمة واللوائح الداخلية جراء غيابهم مدة تزيد عن عشرة أيام أثناء الإضراب العام الذي دعا له اتحاد عمال البحرين والذي تعتبره هذه الشركات غير قانوني”.

هذا وأكثر، وكل ذلك، على خلفية وشايات واتهامات ومزاعم مكارثية بنكهة بحرينية، مصدرها ميدان اللؤلؤة الذي تمت إزالته في محاولة لإلغائه من الذاكرة الوطنية..

حقيقة، لا أعرف لماذا لم “تمنشت” الصحف المحلية، هذه المكارثّية التي فزنا فيها على أميركا في العدد والعدة والتصرفات “المكارثية بالنكهة البحرينية” لتخرج علينا في اليوم التالي من منتصف شهر مارس بعناوين مكتوبة بالبنط العريض مثل: “الأول من نوعه، “الأفضل من نوعه”، “الأحسن من نوعه”… نعم، نحن الأحسن في كل المشاريع فلماذا نتخلف في السباق مع حملات الشر التي تحط من منزلة إنسانية مواطنينا؟!

أخيراً، هل كل ما جرى ويجري نزل علينا هكذا من السماء في مصادفة عمياء وفق تصرفات شخصية أم أن في الأمر إنَّ؟؟!!

 

من موقع مرآة البحرين