المنشور

لماذا الهجوم على قوى التيار الوطني الديمقراطي؟


هناك من الكتَّاب من أدمن تسطير المقالات هجوماً مستمراً واتهامات ما أنزل الله بها من سلطان على تنظيمات الحركة الوطنية عموماً، وتنظيمات التيار الوطني الديمقراطي خصوصاً، وعلى الأخص منها كان لتنظيم جمعية العمل الوطني الديمقراطي وأمينه العام الموجود في محبسه الآن إبراهيم شريف السيد، حصة لا يُستهان بها من ذلك الهجوم.
 
هذه الهجمات المنظمة والمتناسقة التي توحي بأنها كانت تكتب من على طاولة واحدة، لم تكن وليدة أحداث 14 فبراير/ شباط وما تلاه وحتى الآن، بل هي سابقةٌ لذلك بكثير. وبدايتها لم تتجاوز بداية فترة العمل السياسي العلني كثيراً، بل هي بدأت مع بداية تلك التكوينات العلنية للتنظيمات السياسية. الآن وبعد 14 فبراير وحتى الآن ازدادت الحرب ضراوةً على كافة تيارات الحركة الوطنية وتجمعاتها، وكان لقوى التيار الوطني الديمقراطي حصة الأسد من هذا الهجوم.
 
إن ما يمارس من بعض الأقلام ضد قوى التيار الوطني الديمقراطي وشخوصه وجمعياته السياسية لا يندرج بأي حال من الأحوال تحت بند النقد لتقويم ممارسات هذا التيار ونقد أخطائه، بل يندرج تحت بنود التخوين والتسقيط والعمالة والذيلية.
 
ليس من المستغرب من بعض الأقلام التي أدمنت الهجوم على قوى المعارضة بشكل عام وعلى قوى التيار الديمقراطي بشكل خاص، أن تزداد ضراوةً في هجومها، فهي أقلامٌ لم تجد طوال 365 يوماً أو 366 يوماً، (حسب عدد أيام شهر فبراير هل هي 28 يوماً أم 29 يوماً) إلا تسخير أقلامها لهجمات مستمرة ليس لديها بديل تكتب فيه. كلها تعزف لحناً واحداً متفقاً عليه، لدرجة أصبحنا نشعر أن هناك أداة ما تخطط لما يكتب، بل وربما تُمليه ليُسطَّر بأقلام الآخرين.
 
إلا أن الذي اُستجد على الساحة الآن هو أن تنبري أقلام جديدة، ولكنها ليست مثيلة للأقلام التي ألفناها، بل لم يكن متوقعاً منها أن تقوم بما قامت وتقوم به. تلك الأقلام منهجها وخطها وإيديولوجيتها وتفكيرها من منبت فكر وإيديولوجية التيار الوطني الديمقراطي بمختلف تلاوينه، بل إن بعضها يعدّ من عتاة اليسار الماركسي؛ لذلك هي محطّ الاستغراب بل والاستنكار فيما ذهبت إليه من مذاهب.
لستُ هنا في معرض الدفاع عن جميع مواقف وممارسات قوى التيار الوطني الديمقراطي، لديّ ولدى آخرين ولدى الإخوة الذين أشرت إليهم وهم من صلب التيار الوطني الديمقراطي الكثير من المآخذ والانتقادات لجمعيات التيار الوطني الديمقراطي، ربما كتبت عن بعضها وتحدثت مع الكثيرين حولها، لكن المآخذ والانتقادات يجب أن تطرح في أماكنها وفي أوقاتها الصحيحة، وألا تأخذ طابع الضغينة وتصفية الحسابات.
 
يجب علينا طرح ما نرى أنه يحتاج إلى تقويم بشكل صحيح، بعيداً عن التحريض والاتهام والكراهية. الإخوة الذين أشير إليهم كنا نتمنى أن نراهم يتقدمون الصفوف في وسط التيار الوطني الديمقراطي وفي وسط الناس ليُقوّموا ويصوّبوا ما يرونه خطأً وانحرافاً وطنياً، وهذا حق لهم.
 
إن الأمر الأكثر استغراباً أن ينحرف هؤلاء الإخوة ليكون بديلهم تبني خيار آخر، بعيداً عن الإيديولوجية التي آمنوا ويؤمنون بها والخط الفكري الذي يدعونه، بل إن بعضهم أصبح عضواً في تنظيم سياسي مناقض أساساً لفكرهم وإيديولوجيتهم، في الوقت الذي يصبّون فيه جام غضبهم على التنظيمات السياسية المنبثقة أساساً من التنظيمات التاريخية التي ناضل هؤلاء الإخوة في صفوفها تاريخياً.
 
إنه لأمرٌ مؤسفٌ ومحزنٌ أن نجد لدى هؤلاء الإخوة مسعى يهدف إلى تقزيم التيار الوطني الديمقراطي والحطّ من قدره عبر الهجوم عليه وعلى قياداته في محاولة للتقليل من شأنها والعمل على تسقيطها.
نتمنى ونأمل من هؤلاء الإخوة أن يجلسوا مع أنفسهم جلسة صدق ومصارحة مع الذات ليسألوا أنفسهم سؤالاً صريحاً: هل الدور الذي يقومون به يتسق وتفكيرهم الذي بِاسمهِ الآن يهاجمون جمعيات التيار الوطني الديمقراطي وقياداته؟ ربما يتوصلون إلى إجابات تجعلهم يعيدون تقويم مواقفهم وآراءهم، مع احتفاظهم بكامل حقهم في الانتقاد البناء لأداء قوى هذا التيار بما يخدم ويساهم في بناء وطن حرٍ، وشعب سعيدٍ، ووطنٍ لا يرجف فيه الأمل.
 

صحيفة الوسط البحرينية –  06 سبتمبر 2011م