المنشور

أول الغيث… إرجاع المفصولين إلى أعمالهم


إصرار لجنة تقصي الحقائق على إرجاع من تم فصلهم وإيقافهم من أعمالهم وحتى قبل بدء عملها يعني أن اللجنة ترى أن هناك ظلما وانتهاكا كبيرا لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير قد وقع على شريحة كبيرة من أبناء البحرين, ولذلك فإن رئيس اللجنة محمود شريف بسيوني أكد أنه «سيرفع مسألة استمرار فصل الموظفين المخالف للقانون إلى عاهل البلاد بصورة فورية». وقال إن جلالة الملك وافق على إعادة من فصل من عمله بسبب التعبير عن رأيه إلى مكان عمله وكذلك الطلبة الذين سحبت البعثات منهم أو فصلوا من جامعاتهم يجب أن تعاد لهم منحهم ويعودوا إلى جامعاتهم.
 
اللجنة لم تر داعيا للتحقيق في مسألة الفصل الجماعي أو الاستماع لشكاوى من تم فصلهم أو إيقافهم من قبل لجان التحقيق, ما يعني أن لديها قناعة تامة بأن ما حصل يعد انتهاكاً لقوانين العمل البحرينية وللمعايير الدولية، وخاصة تلك التي تمنع التمييز على أساس المواقف السياسية للأفراد. كما أنها تخالف الحقوق التي يكفلها الدستور البحريني والقوانين المحلية والمواثيق الدولية، حيث إن معاقبة الموظفين على آرائهم ونشاطاتهم السياسية وانتمائهم المذهبي مخالف لاتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة، والعديد من بنود العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
 
ولذلك فإن منظمة العمل الدولية بعثت بوفد منها في نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي للالتقاء بالمسئولين في البحرين لبحث موضوع المسرحين والطلب من الحكومة إرجاعهم لأعمالهم.
 
ما حدث في البحرين خلال الفترة الماضية يشبه لحد كبير ما حدث في الولايات المتحدة الأميركية أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في أوج الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي, عندما ترأس السناتور الجمهوري جوزف مكارثي اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيق فيما ادعاه من وجود عدد كبير من المتعاطفين مع الشيوعية في الإدارة الأميركية فقام بتوجيه اتهاماته لعدد كبير من الأميركيين والتحقيق معهم مما أدى إلى فقدان الكثير منهم لأعمالهم وأشاع الخوف في جميع أنحاء أميركا.
 
فلجان التحقيق التي انتشرت كالفطر في جميع مؤسسات الدولة والشركات العامة والخاصة والجامعات والمدارس حققت مع الآلاف من المواطنين وأصدرت أحكامها بفصل ما يقارب من 3000 موظف، وأوقفت عن العمل الآلاف، وفصلت المئات من طلبة الجامعات، كما أوقفت بعثات المئات منهم, ليثبت بعد ذلك أن أكثر من 570 موظفا ممن أدينوا من قبل هذه اللجان بريئون تماما من أية تهمة ولم يقوموا بارتكاب أي مخالفة.
 
ولم يقتصر الأمر على لجان التحقيق, فحتى الأعضاء البلديون المنتخبون من الشعب تم إسقاط عضويتهم من المجالس البلدية وبطريقة غير قانونية عندما تم تجاوز نص المادة (16) من فصل المجالس البلدية من مرسوم القانون رقم (35) لسنة 2001 بإصدار قانون البلديات، والتي تنص على «تسقط العضوية عن عضو المجلس بقرار من المجلس البلدي بغالبية ثلثي أعضائه، وذلك في حال إخلاله بواجبات العضوية», حيث صوت خمسة أعضاء من أصل 9 أعضاء على إسقاط عضوية 4 أعضاء من كتلة الوفاق البلدية في مجلس بلدي المحافظة الوسطى خلافا لنص المادة والتي تتطلب تصويت 6 أعضاء أي ثلثي الأعضاء.
لم يكتفِ البعض بهذا العدد الهائل من المفصولين من أعمالهم وإنما طالب بمعاقبة الجميع, حتى من لم تثبت عليه أي اتهامات ولم يرصد عليه أي مستمسك أو صورة تثبت خروجه في المسيرات أو وجوده في الدوار وطالب لجان التحقيق بـ «التساهل مع من تثبت مخالفته للقوانين بشرط أن يقوم بتزويد هذه اللجان بأسماء من تواجدوا في المسيرات والدوار ولم يتم رصدهم بالصور», وكل شيء بثمن
 
صحيفة الوسط البحرينية – 27 يوليو 2011م