المنشور

بناء الثقة ولجنة تقصي الحقائق


اللجنة الملكية لتقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني تعتبر خطوة مهمة واستراتيجية لبناء الثقة التي نحتاجها لتخطي ما تمر به البحرين حالياً، وقد دخل اسم «بسيوني» في تاريخ البحرين. ولجنة تقصي الحقائق بدأت ترتبط باسمه؛ لأنها أصبحت عنواناً لمرحلة مختلفة، وجاء تعيينها من قبل جلالة الملك كخطوة مفاجئة في نهاية يونيو/ حزيران 2011، وهي خطوة أفرحت كل من يحب لبلادنا خيراً.
 
ولعل أهم إنجاز لهذه اللجنة سيكون في مقدار ما تحققه في مجال إعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف… فهذه اللجنة، وبحكم الصلاحيات الملكية الممنوحة لها، يمكنها أن تطلع على مختلف القضايا والآراء، وبإمكانها أن تستشف جذور ما حدث في البحرين، ومن ثم تقدم تقريرها للقيادة السياسية من أجل تنمية وتعزيز بيئة تتحقق فيها العدالة من خلال الاستماع لكل الأطراف، وتقصي الحيثيات، والتعرف على أي تجاوزات.
اللجنة قادرة على تحقيق الكثير لأنها حائزة على ثقة معتبرة، وهي مشكّلة من شخصيات لها اعتبار دولي، وليس من مصلحتها الانحياز، والمُعوَّل عليها كثير جداً. ولكن اللجنة قد تجد نفسها مرهقة بسبب التعقيد الشديد الذي تميزت به الأحداث في البحرين منذ فبراير/ شباط الماضي، ونشوء حكايات متعددة لكل واقعة مررنا بها.
 
من المهم جداً أن نعي أن أقصى ما تستطيع تحقيقه لجنة تقصي الحقائق هو إعطاء صورة تقريبية لما حدث، وهي ستركز على التجاوزات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ولعل اللجنة ستقدم توصيات عديدة، ولكن اللجنة ليس دورها إصلاح الشأن السياسي ولن تستطيع إجبار البحرينيين على إصلاح الأمور، فهذا يجب أن ينبع من كل الفئات التي يهمها أن تنهض البحرين من جديد وتتخذ المكانة التي تستحقها على المستويين الإقليمي والدولي.
 
البحرين قبل نحو قرن كانت أولى دول الخليج التي دخلت عصر الدولة الحديثة من ناحية الإدارة، وهو ما أطلق عليه في عشرينيات القرن الماضي بالإصلاحات الإدارية، وهي إصلاحات نقلت البحرين عالياً بحيث أصبح يشار إليها بالبنان من ناحية سبل إدارة الدولة والتعليم والتدريب والاشتغال في مختلف أنواع المهن. وقد نمت الحركة الإصلاحية البحرينية بشكل متواصل، وفي كل الفترات، فإن الجميع كان همه البحرين ومستقبلها، وإيمانه بأن المجتمع كيان متكامل يعتمد بعضه على الآخر، وأن لا غنى لأية فئة عن أخرى، وأن البحرين ليس فيها غالب ومغلوب، وإنما هي للجميع، وأن الخير الذي ينتج عن حركة ما أو مطلب من المطالب إنما يعم في نتائجه الحسنة الجميع.
 
إننا بحاجة إلى نجاح لجنة تقصي الحقائق لتأكيد ثقافة الاستماع للآخر، واحترام حقوق الإنسان، وضرورة السير على خطوات تصحيحية توصلنا في نهاية المطاف إلى استئناف حياتنا العامة بإيجابية تضع المواطن والوطن فوق كل اعتبار.
 

صحيفة الوسط البحرينية – 06 أغسطس 2011م