المنشور

نحو حوار متقدم لا متخلف!


لا يختلف في ذلك اثنان.. ان الحوار هو الطريق الأمثل في الخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية.. التي شقت قلب الوطن طائفياً إلى نصفين!!

وبعيداً عن الأسباب والنتائج التي أوصلت الوطن إلى هذا الشرخ العميق الذي ما برح ينزف كراهية بطش الطائفية البغيضة.. حتى أصبح الوطن واقع طي اغتراب نصفيه!!

ويأتي السؤال مُبرراً: على اي « قاعدة يمكن ان ننطلق بالحوار.. على قاعدة من التقدم.. أم على قاعدة من التخلف؟! على قاعدة من الحرية والعدل والمساواة.. أم على قاعدة من الظلم والعنف والإقصاء؟!

ولا يمكن ان يُصبح الحوار في صميم منجز اكتمال وكمال مهماته الوطنية إلا إذا تأسس على قاعدة من التقدم والديمقراطية آخذاً بعين الاعتبار مبدأيه: الدين لله والوطن للجميع.. وهو ما يتشكل في روح العصر ومهماته العلمية والتقنية.

ان روح العصر يعني روح اليوم.. وليس روح الأمس.. الذي يمور بروحانية فقه الماورائية ومنجز مرئيات فكرية ودينية وطائفية أكل وشرب عليها الدهر. وفقدت صلاحيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية!!

روح العصر الذي تناضجت قيمه الإنسانية في الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.. وعدل ومساواة المواطنة وتحرير المرأة.. ونبذ الانغلاق والتقوقع في مفاهيم ورؤى أكل وشرب عليها الدهر.. والانفتاح أكثر فأكثر على منجز الحداثة والتحديث ومتطلبات الإنسانية في التحرر والانعتاق وإلى الأبد من مخازي القرون الوسطى.

ان منطق صدقية الحوار يجب ان يأخذ في عين الاعتبار تكريس فصل المفاهيم السياسية عن المفاهيم المذهبية والطائفية.. والعمل على تشريع قوانين في عدم الخلط بين كتاب الله وكتاب البشر ( الدستور ) وما يُلبي ويساوي ويعدل بين الناس في الحقوق والواجبات نساء ورجالاً وعلى مختلف الأديان والمذاهب والألوان والفئات والفرق والاقليات.. منطلق حوار يضع في الاعتبار ان الوطن فوق الجميع بدون استثناء وفوق المذهب والدين والطائفة والمرجعية ولا ولاية لفقيه أو مرجعية دينية فوق ولاية ومرجعية الوطن والمساواة في المواطنة ولا يمكن الحديث عن نجاح حوار وسد الثغور الطائفية والمذهبية داخل الوطن وخارجه.. إلا بالأخذ بروح العصر وما آتينا عليه سلفاً من رؤى وأفكار ازعم أنها تشكل قاعدة مهمة في تكريس الحوار المنشود في مملكة البحرين التي تتناهض من كبوتها خلال ما دعا إليه جلالة الملك إلى طاولة الحوار وتنادت إلى دعمه وتأييده قوى الحرية والتقدم والديمقراطية داخل الوطن وخارجه..

ولا يغيب عن الذاكرة ان حواراً يأخذ طريقه في عمق روح العصر.. وروح مشروع الإصلاح الوطني.. يترتب على حراكه عناصر وقوى سياسية وديمقراطية وتقدمية تنزع بطبيعتها الايديولوجية والتنظيمية إلى روح العصر وروح مشروع الإصلاح الوطني.. وهو ما يدفع المخلصين والديمقراطيين من أدباء وكتاب وفنانين ومثقفين واعلاميين ان يشدوا من ازر هذه القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية وطليعتها المنبر الديمقراطي التقدمي وبخصائصه التنويرية العقلانية لا ان يزيدوا الطين بلة فيما يعاني بعض أعضائه من انكسارات واحباطات نفسية.. فالمصاب الوطن برمته وبمؤسساته وقواه وأحزابه السياسية والوطنية.. ولا يمكن فصل الوطن عن مؤسساته المادية والفكرية.. وان التنديد المغرض والانتهازي المتحذلق ضد إحدى المؤسسات الوطنية السياسية وبوجدانيتها التقدمية والديمقراطية وتاريخيتها اليسارية.. واقع سلبي وانتهازي ينال الوطن قبل ان ينال إحدى قواه الراسخة رسوخ الجبال في روح العصر وروح مشروع الإصلاح الوطني.. وأكثر القوى تجلياً مادياً ومعنوياً بدور الجماهير والفرد في التاريخ!!
 
الأيام 16 يونيو 2011