المنشور

الأهم … ما بعد استقالة الحكومة


بغض النظر عن الأخبار المتواترة والإشاعات المتضاربة حول استقالة الحكومة فإنّ التشكيلة الحكومية الراهنة أصبحت بحكم الراحلة، بعد الانقسام المكشوف في صفوف الوزراء الشيوخ ورئيسهم، وبعد النقلة الدراماتيكية لبعض نواب الموالاة، الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها نوابا مستجوبين، وبعد أن ارتفعت الأصوات المطالبة برحيل هذه التشكيلة الحكومية من بين النواب المقربين منها قبل المعارضين لها… ومن ثَمَّ فإنّ الجانب الأهم الذي يفترض التوقّف أمامه هو ما يمكن أن تتجه نحو الأمور بعد هذه الاستقالة المستحقة وليس الانشغال في موعد إعلان خبر الاستقالة أو تأخره أو تأخيره.

إنّ النتيجة المباشرة لاستقالة الحكومة تبدأ بسقوط الاستجوابات الثلاثة الموجّهة إلى الشيوخ الثلاثة، وبالتالي فإنّ قبول الاستقالة وإعادة التكليف والتشكيل الحكومي مع عودة الشيوخ الثلاثة المستجوبين من دون تغيير في الوضع الحكومي بدءا من الرئاسة سيُفهم على أنّه “ملعوب سياسي” لإسقاط الاستجوابات، وفي هذه الحالة ليس هناك ما يمنع النواب المستجوبين أو الملوحين باستجوابات أخرى من تكرار تقديم الاستجوابات الحالية أو استجوابات مشابهة إلى الشيوخ الثلاثة ورئيسهم العائد، فالردّ الطبيعي على “الملعوب” هو “ملعوب” آخر لا يعبأ بالاعتبارات الدستورية واللائحية الشكلية القائلة بانقطاع المسؤولية السياسية لرئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء بعد الاستقالة وتشكيل حكومة جديدة… لنعود مجددا إلى المربع رقم واحد الذي يتوهم البعض أنّه سيغادره بعد الاستقالة.

وغير هذا، فسيبرز السؤال بعد الاستقالة: مَنْ هو الرئيس الجديد؟… ومع أنّ تكليف رئيس مجلس الوزراء هو حقّ دستوري لصاحب السمو الأمير بعد إجراء المشاورات الدستورية، إلا أنّه من حقّ الأمة ومن حقّ نوابها اتخاذ موقف عدم التعاون مع هذا الرئيس المكلّف والتعبير عن الاستياء منه… وفي الغالب فإنّ عودة الرئيس الحالي لتشكيل الحكومة السابعة بعد الفشل الصارخ لتشكيلاته الست المتعاقبة سيخلق حالة إحباط ويولّد مشاعر خيبة أمل ليس في صفوف النواب والتيارات السياسية فحسب، وإنما على المستوى الشعبي عموما، قد يصعب تقدير تداعياتها وعواقبها، بحيث قد تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه من احتقان في الشارع قبل المجلس خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين، أو ربما على نحو أشد
وغير ذلك فإنّ تكليف الرئيس ذاته سيواجه مصاعب ليست هينة عند تشكيل الحكومة الجديدة، التي قد يطول الأمد قبل أن تتشكّل، ستشل البلد لأسابيع طويلة.

وبافتراض تجاوز مشكلة التشكيل الحكومي الجديد فإنّ هذا التشكيل السابع لن يختلف كثيرا عن التشكيل السادس وما سبق من تشكيلات اللهم إلا في تغيير بعض الأسماء وتبدّل بعض الوجوه واختلاف توزيع الحقائب الوزارية، ولن يكون هناك تغيير في النهج ولا تبدّلا في السياسات، ما يعني إعادة إنتاج الوضع البائس الحالي.

ومن هنا، فإنّه ما لم يترتب على استقالة الحكومة تشكيل حكومة جديدة برئاسة جديدة تتبنى نهجا جديدا مختلفا فإنّ الكويت ستواصل الدوران المرهق في هذه الدائرة المفرغة التي نقلتها من أزمة إلى أزمة، ومن عثرة إلى أخرى، ومن تخبّط إلى تخبّط أسوأ، ومن تراجع إلى تراجعات… إلى أن ييسر اللّه للكويت وللكويتيين مخرجا.
 
جريدة عالم اليوم
30 مارس 2011