المنشور

مخاطر وتحديات عديدة… وجميعها تحثنا على البدء بالحوار

مساء أمس كانت لي مشاركة في «خيمة المنتدى» في «دوار اللؤلؤة»، وعلى الرغم من أنني كنت أعرف أين تقع، إلا أنني ضعت بين الخيام حتى وصلت إليها. وآمُلُ أن نتمكن من نشر ما جاء فيها في وقت لاحق، كما آمُلُ أن ننشر ما يدور من حوارات في الدوار، وفي كل مكان في البحرين.
ومساء أمس أشرت إلى أننا نعيش أياماً حاسمة في تاريخ بلدنا الحبيب، وذكرت أنه كان من المفترض أن تجرى هذه الحوارات من دون أن يسقط الشهداء، والحوارات الجارية في هذه الفترة هي «حوارات مؤجلة» لأمة غير مؤجلة، فنحن شعب عريق ارتبط منذ مهد الحضارة والتاريخ بكل ما للإنسانية من معاني السمو والخلود. اليوم تتوافر لنا فرصة لنحقق إرادة مجتمع متكامل، لكي نعيش في بلدنا بصورة كريمة، وهذا العيش علينا أن نحدده بصورة ديمقراطية، وعلينا أن ننفتح على مبادرة الحوار، وعلينا أن نستفيد من تجارب الماضي، وعلينا أن نعي المتغيرات، لأن ما يحدث في 2011 لم يحدث من قبل، بسبب المتغيرات العالمية، وربما لن يحدث إلا بعد مئة سنة. 
 أنا في الحقيقة متفائل أن هذه الحوارات ستصنع لنا مستقبلاً جديداً، مختلفاً عن الماضي، ونحن مهما مررنا بمخاضات بتحديات، فإن العقول البحرينية المستنيرة والتواجد الحضاري في ساحة العمل السياسي والاحترام الدولي لمشروعية المطالب وسلمية النشاط، جميعها توفر لنا ضمانات من أجل تحقيق تغييرات جوهرية.
 
ولكن هناك مخاطر ومحذورات، فعلينا أن نتماسك مجتمعياً، وأقصد بالتماسك بين الشيعة والسنة؛ لأن هناك من يتحدث عن الشعب ولكنه عندما يقول الشعب قد ينسى أن هناك شيعياً، أو قد ينسى أن هناك سنياً، وعلينا أن نسأل أنفسنا، أنه بعد أن نتجاوز هذه المرحلة: هل سنكون شعبين أم سنكون شعباً واحداً؟ وسؤال آخر: هل ستبقى الأجندة محلية والحل محلياً، أم أننا سنسمح للآخرين بالتدخل في شئوننا، بحيث نشاهد فضائيات من خارج البحرين تبث بطرق استفزازية، وهي تحرض فئة من المجتمع على أخرى.
 
لقد أشرت مساء أمس، إلى أننا لا نريد أن نكون مثل لبنان؛ لأن الحل في لبنان ليس في يد اللبنانيين، والحل في لبنان يقرر في عواصم الدول الأخرى… ولبنان التي كانت قبل الحرب الأهلية في 1975 «سويسرا الشرق الأوسط»، ولكن انفلات الزمام أدى إلى موت اقتصادها ورحلت البنوك آنذاك من لبنان وجاءت إلى البحرين… وعلينا أن نعي أن مستقبل البحرين بأيدينا، ونريد حلاً حقيقياً عبر الاستجابة لمبادرة الحوار التي يقودها ولي العهد، وعلينا أن نبدأ اليوم قبل الغد، وأن نستمر في الإصرار على مطالبنا، وأن نسعى جميعاً لأن نبني بحريناً مزدهرة للجميع، ليست لشيعي على حساب سني، وليست لسني على حساب شيعي، بل لكل المكونات المذهبية والدينية والعرقية… فهذا هو شعب البحرين، وأن أي شخص يتحدث باسم شعب البحرين عليه أن يفكر في جميع المكونات، وأن الديمقراطية تعني الإجماع الوطني الذي تقرره صناديق الاستفتاءات والانتخابات بحسب معادلة سياسية أكثر عدلاً.
 
تحدثت مع الشباب مساء أمس عن المخاطر التي تواجهنا حالياً، وهناك حديث يتكرر عن الضمان أن الماضي لن يعود، وفي اعتقادي أن الضمان هو الحضور الشعبي الواعي والسلمي والمتحضر، والالتفات الدولي لما يجري في البحرين، واحترام العالم للمطالب والأساليب المشروعة هو الضمان الفعلي، ولا سميا أن البحرينيين لن يحصلوا على مثل هذا الاهتمام. كما أن هناك فكرة متداولة في الأوساط المؤثرة، تقول إن البحرين يمكنها أن تكون أنموذجاً ناجحاً لحل أزمة من هذا النوع عبر الحوار والوسائل السلمية.
 
إن المهم هو أن نتحرك من أجل حل يصنعه البحرينيون (شيعة وسنة) وأن ندير الحوارات بعقلانية وأن نعتمد الأساليب الحضارية لكي نحقق التماسك والوئام المجتمعي (بين كل الفئات) وأن نستمر في اكتساب احترام الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي.
 
إن احترام العالم بحضاريتنا يتطلب منا أن ننتج حلاً قائماً على الحوار، حلاً نربح جميعاً منه، حلاً تسلم به البحرين سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، حلاً يتخلص من الدكتاتورية ولكن لا ينتج دكتاتورية أخرى، حلاً يؤكد مكانة البحرين في قلب الخليج العربي، ويؤكد متانة وإستراتيجية علاقاتها الحيوية، ولاسيما مع دول التعاون، حلاً ينتج لنا مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات وليس شعباً متفرقاً يخشى كل واحد من الآخر، حلاً يجعل البحريني (من كل الفئات) يرفع رأسه عالياً، ويعوض أية خسائر اقتصادية سنتكبدها… فالاقتصاد من أجل خدمة المواطن الكريم وليس المواطن الذليل… ولذلك، فإنني من الداعين إلى البدء بالحوار أولاً من دون أن نتخلى عن أي مطلب مشروع أو أسلوب سلمي حضاري. جميع البحرينيين، وجميع المحبين من أهل الخليج، وجميع من ساند البحرين خلال هذه الأزمة ينتظر أن تبدأ الاجتماعات من دون تعقيدات، وأن تتحرك عجلة الحل، مع الحذر من عدم تكرار الماضي
 

صحيفة الوسط البحرينية – 10 مارس 2011م