المنشور

الكاميرا الذكية في رواية الداخلية


طالعنا تلفزيون البحرين بعد صمت رسمي قارب 12 ساعة، برواية رسمية يتلعثم ناطقها الذي يحمل ورقة مكتوبة في يده، يعود لمطالعتها كلما ضاع من بين يديه نسج القصة. يبدو أن السيناريو المكتوب وصله في وقت لم يكن كافياً ليتدرب على فن إلقائه بشكل يُقنع المشاهدين بحقيقته.

الشريط الذي عوّل عليه مقدّم الرواية، يرينا أحد رجال الأمن، يُلقي عبر مكبر صوت صغير، ومن مسافة بعيدة عبر الجسر المقابل للدوار، تحذيراً بإخلاء المكان. التحذيرات لم تزد مدتها عن ثوان ليبدأ الهجوم. يبدو أن رجال الأمن قد تهيؤوا بكاميراتهم لرصد ما يريدون رصده هناك. لهذا أتى رصد لحظة الأمر بالإخلاء.

لكن لم تُرنا كاميرا رصد رجال الداخلية، ولا لقطة واحدة، تثبت ما زعمته الرواية الرسمية، من هجوم المعتصمين بالسيوف والسكاكين والحديد والمسدسات. الغريب أنها لم تتمكن لسوء حظها أن ترصد هذا، رغم أنه لكي يستخدم أحدهم واحدة من هذه الأدوات البدائية (والشبيهة ببدائية جِمال بلطجية مصر)، لا بد أن يأتي راكضاً بها من مكان بعيد، ولكي يستخدمها بالشكل الذي ينتج عنه إصابات بليغة وقريبة في رِجل َرجل الأمن أو أردافه أو ظهره (بالشكل الذي أظهرته لنا المشاهد المرعبة للكاميرا الراصدة)، لا بد أن يصل بها من داخل الخيمة في الدوار، إلى قوات الأمن المتسلحة بالخوذات والدروع والهابطين من جهة الجسر على شكل صفوف يحمي بعضها ظهر بعض! كان يمكن لكاميرا الداخلية الراصدة أن ترصد هذا التحرك من بعيد، حتى وصوله قريباً من رجال الأمن. ليست لقطة واحدة ترينا هذا ولا ترينا رمي بالحجارة حتى؟!

 الغريب الآخر، أنه ورغم ارتداء رجال الأمن خوذات الرأس، لا نعرف كيف جاءت معظم الإصابات المباشرة التي نقلتها لقطات تلفزيون البحرين على الرأس. وكيف لسيف أو سكين أن تخترق الخوذة الحديدية!

الغريب ليس الأخير الآخر، أن السيوف والسكاكين والأسلحة التي استخدمها المعتصمون الإرهابيون في الهجوم على رجال الأمن، لم نجدها ملقاة هنا وهناك في الطريق التي شهد المذابح الوحشية، بل نجدها لا تزال جالسة باستسلام، تنتظر اكتشافها من قبل رجال الأمن الذين مشطوا الخيم صباحاً، لها حسب الرواية، وحسب الكاميرا التي كانت تنطق عن صور فاقعة نهارها!!!
الكاميرا الراصدة، أيضاً، لم يسعفها رصدها أن تصور لنا علم حزب الله، الذي قالت روايتها أنه وُجد كان في الميدان مع السيوف والسكاكين والمسدسات والحديد.

وإذا كانت مجموعة من المعتصمين النائمين الذين تمت مباغتتهم ومفاجأتهم في وقت هم في أقل نشاطهم البدني، قد خلفت كل هذا العدد من المصابين من رجال الأمن المتأهبين والمباغتين، فهذا يجعلنا نتساءل عن كفاءة هذا الجهاز المحصن بمسيلات الدموع والشوزن والأسلحة، وعن قوة ذلك الجمع المحصن بخيمه، والمباغَتَةِ سيوفه!!!
 
 موقع الديمقراطي  17 فبراير 2011