المنشور

ميثاق العمل الوطني


ما يميز مشروع ميثاق العمل الوطني انه حظي بتأييد واسع من قبل المواطنين وهو وثيقة دشنت مرحلة سياسية جديدة في البلاد مضى عليها عشر سنوات.
لقد أكدت هذه الوثيقة على محددات هامة للحياة الدستورية والتعددية والحرية في حين كانت الأوضاع السياسية قبل هذه الوثيقة يحكمها قانون أمن الدولة السيئ الذكر الذي فرض القيود والقوانين والإجراءات الأمنية التي أنتهكك الضمانات القانونية لحقوق الإنسان والحريات. وهذا القانون لم ينتج عنه إلا المزيد من القمع والتشريد والمعاناة والملاحقات البوليسية للشرفاء من أبناء هذا الوطن الذين كانت تضحياتهم في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية نموذجاً مشرفاً في سجل نضالات الشعوب.

ولاشك ان ميثاق العمل الوطني الذي غير من خارطة البحرين السياسية فتح الأبواب أمام مستقبل العمل السياسي الذي كان ولسنين طويلة في حكم المحظور وهو التحول الذي استوعب أهمية الانفتاح والحرية السياسية كضرورة للانفتاح الديمقراطي الذي كلما اتسع وشمل جوانب عديدة في المجتمع، كلما تغلبنا على مشاكلنا الذاتية بمعنى كلما كانت الديمقراطية تكفل الحقوق والواجبات كلما كانت الضمانات أكبر أمام تطور العلاقة بين المجتمع والدولة. وهذا ما يجب ان يراهن عليه الذين يهمهم حقاً أمر الديمقراطية وحقوق الإنسان وأمر المخاطر التي تحيط بالتحولات السياسية التي تشهدها البحرين حالياً.

إننا أمام مرحلة لا تزال جديدة وأمام تحديات تدفعنا في المقام الأول الى الحفاظ على الحرية النسبية لتقوية المجتمع المدني بمختلف مؤسساته ومنظماته التي تحمي حقوق الافراد والجماعات ومؤازرة حقوق المرأة التي حققت في عهد الميثاق حقوقها السياسية والى اطلاق المبادرات الحكومية فضلاً عن دفع عجلة الشراكة المجتمعية من اجل اصلاحات اوسع واشمل على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اساسها التنمية البشرية في ظل التنمية المستدامة وفي ظل الارتقاء بالعملية السياسية والديمقراطية عبر الآليات الدستورية والانفتاح الاقتصادي الذي اشار إليه الميثاق في الفصل الثالث الأسس الاقتصادية للمجتمع «يجب ان يصاحب الانفتاح الاقتصادي تغيير في تفكير الادارة العامة نحو تبسيط الاجراءات والشفافية والقضاء على التداخل في المسؤوليات وتحسين مستوى الخدمات وتحديث التشريعات الاقتصادية، وان تحكم ذلك معايير النزاهة وتكافؤ الفرص. ومن اجل تفعيل ادوار المراقبة المالية والإدارية وزيادة شفافية العمل في كافة إدارات الدولة المالية، كل ذلك يقودنا الى مسألة هامة وهي ان مشروع ميثاق العمل الوطني الذي حرص أو أدرك أهمية الحرية السياسية والاقتصادية وتحديث بعض القوانين التي تعزز العملية الإصلاحية في ظل دولة المؤسسات والقانون واحترام الرأي الآخر والتعددية لتحديد الشراكة المجتمعية التي يفترض ان تقوم على الحوار والتفاعل النقدي الديمقراطي الأكثر حاجة الى استكمال تحديث التشريعات والقوانين المرتبطة بمرحلة قبل الإصلاح والى بيئة سياسية مستقرة صالحة لا يعكرها بالتعصب واثارة النزعات الطائفية والمذهبية والفوضى والمصالح العقائدية الضيقة على حساب الانتماء للوطن والوطنية والمكتسبات ومجمل الحقوق الاساسية الذي يتفق مع القاعدة الاساسية للبناء الديمقراطي.

ان تأمين حقوق الانسان ونشر الديمقراطية ثقافة وممارسة ورفع سقف الحريات يضعنا جميعاً امام مسؤوليات عدة، فأول هذه المسؤوليات الحفاظ على المنجزات والتحولات السياسية التي حققها شعب البحرين بعد نضالات طويلة مع الحرص على دعم الانفتاح والتحديث والحداثة التي تقف ضدها أجندة التخلف بمرجعياتها المتعصبة المختلفة ومن الجدير بالذكر ايضاً ان الاولوية التي حددها ميثاق العمل الذي عبر عن مصالح المواطن الاساسية تدفعنا الى التعاطي مع قضايا الشأن بسياسة اقتصادية اجتماعية طموحة ترتبط بالتنمية الشاملة في ابعادها وتجلياتها المختلفة المعبرة عن تلك المصالح ومن هنا يأتي ايضاً التأكيد على دور السلطة التشريعية في الارتقاء بالممارسات النيابية من حيث الرقابة والتشريع فليس هناك رقابة حقيقية من دون مكافحة الفساد وملاحقته بغية الحفاظ على المال العام.

ولاشك ان ميثاق العمل الوطني الذي وضع الخطوات الاولى للمسيرة الاصلاحية يدفعنا الى التفاعل الايجابي مع تحدياتنا ويدفعنا ايضاً الى توسيع آفاق الحريات التي تتطلب فعلاً مجتمعياً مسؤولاً بعيداً عن اللامبالاة والفوضى والتطرف السياسي.

واخيراً من المهم ادراك ان ميثاق العمل الوطني الذي جسد على ارض الواقع اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية متفاوتة.. يعد الركيزة الاساسية لمتغيرات نتطلع اليها ان تفتح الابواب نحو اصلاحات أكبر واشمل.


الأيام 12 فبراير 2011