المنشور

شماعة علاوة الغلاء


قبل إنعقاد الدورة التشريعية للمجلس النيابي أطلقت الحكومة عدة بالونات سياسية كان أبرزها إعتماد الميزانية العامة دون تضمينها علاوة الغلاء وتوافق ذلك مع الدعوة لرفع الدعم عن المحروقات وإعادة هيكلة الدعم للسلع وكأن الحكومة كانت تخاطب المواطنين وتناشدهم شد الأحزمة لأزمة قادمة، فهناك عجز في الموازنة وإرتفاع في الدَيّن العام وإنه ليس بالإمكان أحسن مما كان، والمعالجات المطروحة هو التقليل من إلتزامات الدولة والمصاريف الزائدة وعلى رأس القائمة دعم المحروقات وعلاوة الغلاء!! وموضوع التلويح بزيادة أسعار المحروقات قضية قديمة تـُعيد الدولة أنشودتها من جديد وإن جاءت هذه المرة بصورة ممكيجة وتحت عنوان هيكلة الدعم ولا أحد يعلم إن كانت تلك الهيكلة تعني أمراً آخر غير وقف دعم الدولة للسلع الأساسية وأن تلك الهيكلة عندما تمس قطاعاً بعينه وترتفع لديه الكلفة لن يجر ذلك خلفه إرتفاعاً في رغيف الخبز على أقل تقدير…. ليمتد الأمر كالنار في الهشيم وترتفع الأسعار منفلتة في كل الخدمات والقطاعات وتذهب العصا السحرية لعلاوة الغلاء أدراج الريح لأنه من الواضح اليوم أن نية هيكلة الدعم غامضة وغير مفصوح عنها أو عن أبعادها وحدودها وآليتها وكل ما كشفت عنه مجريات الأمور بأن الحكومة في نقاشها مع النواب الأفاضل “اللجنة المالية” لإعتماد الميزانية لعامي 2011/2012 جعلت من علاوة الغلاء كبش الفداء في حين هي تمس ألوف مؤلفة من بسطاء وفقراء شعبنا وبدأت تساوم نواب المجلس النيابي بين مطرقة الرفض والقبول فأما قبول هيكلة الدعم وسياسة شد الحزام القادمة أو رفض إعتماد علاوة الغلاء وشطبها من الميزانية، ونوابنا الأفاضل الذين يستجدون علاوة الغلاء لا حول ولا قوة لهم سوى الرضوخ لمنحة الغلاء التي تستر عورتهم أمام ناخبيهم…!! وهزالة أداؤهم الرقابي والتشريعي وهم اليوم على مرأى من تقرير الرقابة المالية المليء بخزائن الفساد وهدر المال العام وفي مواجهة حقيقية مع ميزانية ستـُعتمد وستـُقرر وسترسم مستقبل الوضع المعيشي للمواطنين وقضاياهم العالقة وبخاصة قضية الإسكان إذا ما علمنا بأن هناك طلبات إسكانية تعود لأعوام التسعينات ولازالت تراوح في مكانها ولدينا أكثر من 9 آلاف أسرة تعيش تحت خط الفقر على ذمة معونات وزارة التنمية، ناهيك عن الأسر المتوسطة ودون المتوسطة والتي تبلغ 47 ألف أسرة. وغير خافي على أحد أنه بعام 2004 تبنى أعضاء مجلس الشورى مهمة تحديد خط الفقر لوضع إستراتيجية في مواجهته وتم إعتماد خط الفقر بحده الأدنى بدخل شهري يقارب 600 دينار وإحصائيات وزارة العمل الآن ولعام 2010 تـُشير على أن أجور البحرينيين في القطاع الخاص متوسطها بلغ 592 ولو سلمنا جدلاً بهذا المتوسط فهو لازال أقل من تقدير خط الفقر المعتمد لعام 2004 ، وهذا ما على حكومتنا الرشيدة أن تدركه وعلى نوابنا الأفاضل أن يتوصلوا إليه فبعيداً عن لغة الأرقام والإحصائيات فعلاوة الغلاء لم تأتي عبثاً أو مِنـّة حتى تكون شماعة تـُعلق عليها منجزات النواب أو عجز الموازنة لدى الحكومة وتتحول إلى الكـُرة التي يتم المساومة عليها والتقاذف بها تارة في ملعب الحكومة وأخرى النواب أمام واقع يؤكد أن هناك إرتفاع في كلفة المعيشة وغياب للحد الأدنى للأجور ويعيش المواطنون تحت وطأة أزمة إسكانية طاحنة ومستحكمة ولا يمكن حلها بما رُصد لها في الميزانية العامة من أموال، بمقابل هذا الدولة تشكو من شح الإمكانيات وإختلال الموازين وتدعو لإعادة هيكلة الدعم ولسياسات تقشفية، وقد لا يختلف إثنان على ذلك إن كانت تلك الهيكلة ستصب في مصلحة الوطن والمواطن وفي بناء إحتياطي المستقبل لأجيال الشباب والحفاظ على المال العام، ولكننا نشك في صدقية تلك الدعوات وجديتها كلما طلت علينا تقارير الرقابة المالية التي تـُشير إلى فساد أجهزة الدولة وعلى أن من بين كواليسها وقنواتها الرسمية يتم هدر المال العام وإستنزافه وحتى يومنا هذا لم نرى بوادر وقف هذا الفساد وبؤرة أو محاسبة حقيقية للعابثين بالمال العام وضمن إستراتيجية وطنية لوقف نزيفه على أيدي المتنفذين، وكل ما رأيناه ونراه اليوم هو التفتيش عن حلول في جيوب الفقراء ومسكنات علاوة الغلاء والمساومات العقيمة على تحميل المواطنين المزيد من الأعباء المعيشية وتغريمهم ثمن العجز في الموازنة العامة بمقترحات وحلول ستكون تداعياتها المزيد من حال إفقارهم وضيق عيشهم.