المنشور

حول الرقابة الإدارية

سواء كانت الرقابة الادارية كما يقول د .بسيوني عبدالله هي التأكد من تنفيذ اهداف الخطة بأعلى غاية ممكنة ومن صحة وشرعية الاعمال الادارية لتصحيح ما يكتشف من اخطاء وانحرافات، او كما يقول د. علي حسين الشامي هي النشاط الدائم والهادف الى المتابعة والتأكد من تحقيق المهام وتنفيذها على اكمل وجه بحيث يتأمن الاداء الحسن لسير المرافق العامة وممارسة اشراف كامل عليها يمنع انحرافها وتأمين الانتظام القانوني لحماية حقوق الغير وضمان الصالح العام، ستظل هذه الرقابة داخلية كانت أم خارجية من الركائز الاساسية التي يجب ان تمارس بكفاية عالية لمنع التجاوزات والاخطاء وفرض العقوبات، ومن جانب آخر يجب أن تتخذ تدابير للتحفيز والمكافأة.
واختصار كلما كانت وظيفة الرقابة فعالة كلما اقتربت الادارة من تحقيق اهدافها بإنتاجية عالية وفعالية وكفاية. ومن الواضح ان تعديل احكام قانون ديوان الرقابة والحاق «الرقابة الادارية» بديوان الرقابة المالية يُعد من الخطوات والانجازات الادارية التحديثية الهامة التي حققتها البحرين في العهد الاصلاحي، وقد اعطت هذه الخطوة دفعة قوية لتطوير النظام الاداري، وخاصة ان الرقابة الادارية كما جاءت في هذا التعديل تهدف الى الرقابة في تطبيق الوزارات ومؤسسات الدولة للأنظمة والشفافية والعدالة في التوظيف الذي يجب ان يتم على اساس الخبرة والشهادة والمعرفة والكفاءة لاعلى اساس الوساطات والمحسوبية أو على اساس «الاقرباء أولى بالمعروف»، والامر الاكثر اهمية هو ان هذا القانون يمنح الصلاحيات الكبيرة للقيام بمهمة التدقيق والرقابة والتحقيق من صحة الشكاوى على المؤسسات الحكومية وهذا كما يقول د. حسين الشامي «نوعا من الرقابة التي تمارس من خلال تقدم المواطنين أو الموظفين الى الادارة لمراجعتها بشأن ضرر لحق بهم أو بشأن مخالفة ارتكبت ازائهم، ولا شك ان هذا النوع من الرقابة التي تهدف الى تحقيق المصلحة العامة وضمان حقوق الغير من التعسف الاداري او سوء تطبيق التشريعات والقوانين والانظمة اذا ما طبقت بشكل عادل وسليم وفعال فاننا حتمًا سنتفادى التعقيدات الادارية ومصادرة حقوق الآخرين جراء غياب الرقابة الادارية ولا سيما في مجال التوظيف والتأكد من صحة الشكاوى على المؤسسات الرسمية الناتجة عن التجاوزات الادارية، وهذا يشكل جانبًا مهمًا في عملية الاصلاح الاداري التي هي من وجهه نظر اغلب المتخصصين بان الاصلاح عمل تنظيمي مستمر يتطلب اعادة النظر حينًا بعد حين في الهيكل الاداري والنصوص القانونية والتنظيمية ووسائل العمل واساليبه، واهمال هذه الناحية تشكل سبباً آخر لتدهور العمل الاداري، وان هذا الاصلاح هو وحدة تامة متكاملة لا تتجزأ تشمل الاصلاح الاداري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وبالتالي فان حدوث اي خلل في احد هذه الانظمة يؤدي الى مشكلة ادارية.
على اية حال، فالذي يهمنا هنا فيما يتعلق بالرقابة الادارية التي اصبحت وظيفتها مكملة للرقابة المالية التي تتولى مهمة الرقابة على اموال الدولة والتحقق بوجه خاص من سلامة ومشروعية استخدام هذه الاموال وحسن ادارتها لدى الجهات الحكومية المختلفة. ان جهاز الرقابة الادارية الذي بشرنا سلفًا انه يمتلك وفقًا للتعديلات الجديدة التي طرأت مؤخراً على قانون ديوان الرقابة صلاحيات واسعة ان يعيد النظر في حمل القوانين والانظمة الادارية القديمة حتى تكون ملائمة لتطورات مستجدات المرحلة الاصلاحية وحاجات المملكة التي تفرض علينا الاهتمام بالاصلاح الاداري كضرورة تحتم علينا الرقابة وتحرير الاجهزة الادارية من النصوص القانونية والتنظيمية القديمة والوقوف على السلبيات التي تعود الى وسائل واساليب العمل التي لا تخلو من الخلل الاداري او بالأحرى الأخطاء الادارية الناتجة عن مخالفة التشريعات الادارية التي في مقدمة اولوياتها الاهتمام بالعنصر البشري والانسان المناسب في المكان المناسب انطلاقاً من الكفاءات العلمية والخبرة والمعرفة وهذا في الحقيقة اهم التحديات الاساسية التي تواجه الاصلاح الاداري. واخيراً.. من الطبيعي ان يحظى ديوان الرقابة المالية والادارية بكل هذا الترحيب من قبل قطاعات واسعة في المجتمع البحريني لأننا في هذا الوطن جميعا نسعى الى تطويره وتحديثه على كافة الصعد، وبالتالي ولكن تستمر خطى هذا الديوان نحو الافضل ان ينجح في انجاز مهماته الرقابية رغم كل العراقيل والمشكلات التي يجب تسويتها بعيداً عن تضارب المصالح والمنافع الضيقة لان المسؤولية هنا هي أمانة مجتمعية ووطنية.
 
صحيفة الايام
11 ديسمبر 2010